في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس، تدخل فنزويلا مرحلة غير مسبوقة من القلق السياسي والأمني، بعدما باتت تهديدات الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب بالتدخل العسكري لتغيير النظام واقعًا يخيم على المشهد الفنزويلي.
وبينما تحاول الحكومة في كاراكاس إظهار تماسكها وثباتها أمام الإعلام العالمي، تكشف التحركات الخلفية عن حالة طوارئ استثنائية يتعامل بها الرئيس نيكولاس مادورو لحماية نفسه ونظامه من أي ضربة مفاجئة.
حراسة متغيرة يوميًا وهواجس أمنية متصاعدة
تتحدث تقارير دولية عن أن مادورو أصبح يبدل مواقع نومه بشكل يومي، ويتنقل بين أماكن متعددة داخل العاصمة تجنبًا لأي استهداف محتمل، كما يغيّر هواتفه باستمرار كإجراء احترازي من عمليات التتبع أو الاختراق.
ووسط هذه الحالة من الحذر، منح مادورو نفوذًا أوسع لعناصر الحراسة القادمين من كوبا، لما يتمتعون به من ولاء مطلق وثقة عالية، في محاولة للحد من احتمالات الخيانة داخل الطاقم الأمني الفنزويلي نفسه، وهو ما يعكس حجم الشكوك التي تنتابه مع ازدياد الضغوط الأميركية.
تصعيد أميركي يقترب من حافة المواجهة العسكرية
لم يأتِ قلق مادورو من فراغ، فالإدارة الأميركية تواصل منذ أشهر فرض عقوبات اقتصادية مشددة، كان أبرزها الحظر على التجارة مع فنزويلا، بالإضافة إلى تهديدات صريحة باستخدام القوة العسكرية إذا لم يترك الرئيس الفنزويلي منصبه.
وتشير تسريبات إعلامية إلى أن واشنطن قدمت لمادورو عروضًا للانسحاب الآمن برفقة عائلته، مقابل التخلي عن السلطة، لكنه رفض هذه العروض رفضًا قاطعًا، ما أدى إلى رفع مستوى التصعيد وتعزيز الحديث الأميركي عن «تغيير النظام بالقوة».
وجود عسكري أميركي في الكاريبي وحجج مرتبطة بالمخدرات
تزامن ذلك مع تحركات ميدانية لافتة، حيث نشرت الولايات المتحدة منذ أغسطس الماضي قوات بحرية ضخمة في البحر الكاريبي، من بينها أكبر حاملة طائرات في العالم، في خطوة وصفها البنتاجون بأنها جزء من «الحرب على عصابات تهريب المخدرات».
وتعتبر واشنطن أن شبكات المخدرات المرتبطة بفنزويلا تمثل تهديدًا للأمن القومي الأميركي، ما يمنحها –وفق رؤيتها– مبررًا قانونيًا لأي تدخل عسكري محتمل.
مشهد داخلي مرتبك وسط مخاوف من ضربة مفاجئة
ورغم ظهور مادورو في الإعلام ضاحكًا وهادئًا، بل وراقصًا أحيانًا، فإن قراراته غير المعلنة تكشف عن إدراكه لخطورة الموقف، ووعيه بأن الضربة الأميركية قد تأتي في أي لحظة.
وبين هدوء مصطنع أمام الكاميرات وحالة استنفار مكتومة خلف الجدران، تبدو فنزويلا اليوم أمام واحدة من أكثر مراحلها توترًا منذ عقود، حيث تتداخل حسابات الأمن والسياسة وتبقى البلاد معلقة بين الضغط الخارجي والصمود الداخلي.

















0 تعليق