في قلب الصحراء المصرية، حيث تختزن الرمال أسرار ملايين السنين، تتكشف اليوم ملامح مرحلة جديدة تسعى فيها الدولة إلى تحويل كنوز الأرض إلى قوة استراتيجية واقتصادية حقيقية، فالعناصر النادرة التي كانت حبيسة أعماق الجبال والوديان، تتحول تدريجياً إلى مورد وطني يعيد رسم ملامح مستقبل الصناعة والطاقة والتكنولوجيا في مصر.
مستقبل الصناعة والطاقة والتكنولوجيا في مصر
وفي هذا السياق، تتسارع خطوات الدولة نحو توحيد الجهود، وتكامل الخبرات، وبناء شراكات وطنية قادرة على فك شفرات هذه الثروات الخفية واستثمارها بأعلى قيمة مضافة.
تحقيق أقصى استفادة من الموارد المنتشرة في مختلف مناطق الجمهورية
ترأس الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، اجتماعًا موسعًا ضمن أعمال اللجنة المعنية بتعظيم الاستفادة من العناصر الأرضية النادرة والحرجة، بمشاركة ممثلين عن جهات حكومية وهيئات فنية متخصصة.
وحضر الاجتماع كل من اللواء أ.ح عبدالسلام أحمد شفيق رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، والدكتور أحمد فرغل رئيس الجهاز التنفيذي للإشراف على مشروعات إنشاء المحطات النووية، والدكتور حامد ميرة رئيس هيئة المواد النووية.
وخلال اللقاء، استعرض الحضور آخر تطورات العمل في ملف الخامات الأرضية وسبل تعميق التعاون بين الجهات الوطنية، بما يضمن تحقيق أقصى استفادة من الموارد المنتشرة في مختلف مناطق الجمهورية. وركّز الوزير على أهمية التكامل بين الخبرات الهندسية والجيولوجية، والاستفادة من التجارب السابقة، خاصة في المشروعات التي تتطلب تقنيات متقدمة في الاستخلاص والتصنيع.
وتناول الاجتماع مراجعة التقنيات المطبقة حاليًا في مواقع العمل التابعة للجهات المختلفة، ودراسة إمكانية إضافة خطوط إنتاج جديدة لرفع كفاءة عمليات فصل العناصر الاستراتيجية وتعظيم العائد الاقتصادي منها. كما تم بحث آليات تسهيل العمل في المناطق النائية ذات الطبيعة الجغرافية المعقدة، باعتبارها من أكثر المناطق احتواءً على خامات ذات قيمة عالية.
وشهد اللقاء كذلك مناقشة تفصيلية حول مشروع "التنتالوم"، باعتباره أحد أهم المعادن الفلزية النادرة ذات الاستخدامات العالمية المتقدمة، نظراً لصلابته الفائقة ومقاومته الشديدة للتآكل، وقدرته على تحمل درجات الحرارة العالية التي تتجاوز 2900 درجة مئوية. ويُعد التنتالوم عنصرًا أساسيا في الصناعات التكنولوجية الدقيقة، مثل تصنيع مكثفات الإلكترونيات، والأجهزة الطبية المتقدمة، ومكونات الصناعات الدفاعية والفضائية، بالإضافة إلى دوره الحيوي في منظومات الطاقة النووية.
كما استعرض الاجتماع الخامات الاقتصادية الأخرى المصاحبة للعناصر النادرة، والتقنيات الحديثة المستخدمة لاستخلاصها، والدور الذي تقوم به هيئة المواد النووية في هذا المجال، والمشروعات الجاري تنفيذها لتعزيز هذه القدرات.
استغلال ثروات مصر المعدنية وفق منهج علمي يعتمد على توطين التكنولوجيا
وفي ختام المناقشات، أكد الدكتور محمود عصمت استمرار العمل بروح الشراكة بين جميع الجهات المعنية، وتنفيذ التكليفات الحكومية الرامية إلى استغلال ثروات مصر المعدنية وفق منهج علمي يعتمد على توطين التكنولوجيا والاعتماد على البحث العلمي والصناعات التحويلية.
وأشار إلى أن القيادة السياسية تُولي اهتمامًا كبيرًا بهذا الملف باعتباره أحد الركائز المستقبلية لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرة الدولة على تصنيع المواد المتقدمة محليًا، مؤكداً أن مصر ماضية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لاستكشاف وتعدين العناصر الأرضية النادرة وإنشاء وحدات تكنولوجية متخصصة لاستخلاصها وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.
0 تعليق