إيهاب بديوى: "المس العاشق" تستدعى إرث القرية المصرية فى علاقتها بالجن والسحر

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت أمسية مناقشة رواية "المس العاشق"، للكاتب الروائي، أحمد عبده، حضورًا حاشدًا، وزخمًا نقاشيًا أثرى الأمسية التي احتضنها صالون محمد عبدالوارث رضوان الثقافي، بمشاركة كل من الكاتب الروائي الناقد الدكتور إيهاب بديوي، القاص الناقد الدكتور عصام الدين صالح، والكاتب محمد عبدالوارث رضوان.

إيهاب بديوي: المس العاشق تستدعي إرث القرية المصرية في علاقتها بالخرافة والجن والسحر

واستهل الأمسية الدكتور إيهاب بديوي، مشيرًا إلى أن رواية المس العاشق نصًا روائيًا ينهض على تخليق عالمٍ ريفيّ مأزوم، تتشابك فيه البنية الأسطورية مع الجسد، ويتداخل فيه الاجتماعي بالديني، والسلطوي بالغيبيّ، حتى يبدو القارئ وكأنه يقف على أرضٍ تتزلزل بين "حقيقة" محسوسة و"وهم" مُستبطن، ويصير الحدّ بين الاثنين معلّقًا على حبال السرد نفسه.

ولفت "بديوي" إلى: يعتمد الكاتب على لغة مكثفة، مقتصدة أحيانًا، وإيحائية غالبًا، تستدعي إرث القرية المصرية في علاقتها بالخرافة والجن والسحر، دون أن يسقط في المباشرة أو الإدانة، بل يضع القارئ داخل شبكة متوترة من الأصوات والسرديات والمنقلبات المتتابعة التي تعيد تشكيل الوعي وتفكيك السلطة التي تعيش داخل الجسد والقرية معًا.

وليس تقسيم الرواية إلى "منقلبات" إلا إعلانًا مسبقًا عن طبيعة النص الطرائقي: نص قائم على التحوّل والانقلاب والتبدّل، لا يثبت عند نقطة واحدة، بل يتخذ من التشظي بنية ومن التداخل صوتًا ومن التناص مع القرآن الكريم علامة كشف وتعرية.


وأضاف "بديوي": تنتهي رواية المس العاشق، نهاية مفتوحة ذات طابع رمزي، ابن حتحوت لا يُهزم ولا ينتصر بشكل مطلق.

لكنه يتحول إلى أسطورة حيّة داخل القرية، يبقى معلقًا بين الإنسان والرمز، بين القداسة والاتهام، القرية نفسها تتغير، البعض يرى الحقيقة، والبعض يزيد توغلًا في الخرافة، ويتضح أن "المس العاشق" لم يكن جنًّا بقدر ما كان انعكاسًا لصراع النفس، ورغبات المكبوتين، وخوف السلطة.

التناصّ مع القرآن الكريم في رواية المس العاشق

ولفت "بديوي" إلى أن تُعدّ رواية المس العاشق، من أكثر الروايات العربية المعاصرة استثمارًا للتناصّ القرآني، ليس التناص هنا زخرفة، بل أداة: لتأسيس شرعية لغوية وروحية داخل فضاء القرية لإعادة قراءة النص المقدّس من زاوية المهمشين  لكشف آلية السلطة التي تتكئ على الدين الشعبي لصناعة الخوف، يأتي التناص غالبًا عبر صياغات قريبة من النص القرآني، أو عبر بنيات الجمل، أو عبر إيقاعات لفظية، ما يمنح السرد هالة تُشبه "الإنشاد المأساوي".

واختتم "بديوي" مؤكدًا على أن: رواية المس العاشق لأحمد عبده تقدم دراسة متكاملة للصراع بين الفرد والجماعة والأسطورة، باستخدام لغة مكثفة ورمزية، جسَّد البطل كمسرح للصراع النفسي، وتناص مع القرآن والخرافة الشعبية. المنقلبات العشرة تقدم بنية متدرجة لتصاعد التوتر النفسي والاجتماعي، بينما الشخصيات الثانوية تعكس السلطة التقليدية والموروث الثقافي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق