العلاقات المصرية الجزائرية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى الوزير سيفى غريب، الوزير الأول للجمهورية الجزائرية يعد أمرًا بالغ الأهمية فى إطار العلاقات الثنائية بين مصر والجزائر.

وهذه العلاقات بمثابة نموذج فريد فى الدبلوماسية العربية والإفريقية، حيث تتجاوز الروابط الرسمية لتشمل وشائج تاريخية وثقافية عميقة. وقد صمدت هذه العلاقة أمام اختبارات الزمن. وتوصف بأنها استراتيجية بالنظر إلى الثقل الإقليمى والدولى للبلدين، وتأثيرهما المحورى فى استقرار شمال إفريقيا، وحوض المتوسط والعالم العربى.

وتعود قوة العلاقة إلى تبنى البلدين مشروع الوحدة القومية العربية ودعمهما المتبادل قضايا التحرر، وقد قدمت مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، دعمًا غير محدود لثورة التحرير الجزائرية فى الفترة من عام ١٩٥٤ إلى ١٩٦٢، وشمل ذلك الدعم العسكرى والسياسى والإعلامى والدبلوماسى، ما رسخ مكانة مصر كعمق استراتيجى للجزائر.

ووقفت الجزائر بقوة إلى جانب مصر فى حرب أكتوبر العظيمة عام ١٩٧٣، مؤكدة البعد القومى لهذه العلاقة، ويشكل التنسيق الأمنى والعسكرى حجر الزاوية فى الشراكة الاستراتيجية، خاصة فى ظل التحديات التى تواجه المنطقة.

ويواجه البلدان تهديدات متشابهة فى محيطهما الإقليمى، ما يدفع إلى تنسيق مشترك لمكافحة الجماعات المتطرفة والجريمة المنظمة العابرة للحدود، خصوصًا فى منطقة الساحل والصحراء وليبيا، كما تتشارك القاهرة والجزائر فى رؤية ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية للدول، وتظهر هذه الرؤية فى التنسيق المستمر حول الأزمة الليبية وقضية الصحراء الغربية والسودان، وهناك تبادل للخبرات والتدريبات المشتركة بين القوات المسلحة فى البلدين لتعزيز الجاهزية القتالية والتوافق العملياتى، ورغم التفاهم السياسى الكبير، فإن الطموح الاقتصادى يظل أكبر من الحجم الحالى للتبادل التجارى والاستثمارات المتبادلة. 

ومن المعروف أن الجزائر منتج رئيسى للغاز والبترول، ومصر مركز إقليمى للطاقة والتسييل، وهناك فرص كبيرة لتطوير التعاون فى مجال الطاقة والبنية التحتية والمشاريع المشتركة، وتسعى الشركات المصرية فى قطاعات المقاولات والزراعة والصناعة إلى زيادة استثماراتها فى السوق الجزائرية، فى حين تعد مصر بوابة للمنتجات الجزائرية نحو الشرق الأوسط وإفريقيا. ويعمل البلدان على تعزيز دور منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والاستفادة من عضويتهما فى التجمعات العربية والإفريقية لزيادة التكامل الاقتصادى.

ويمتلك كل من مصر والجزائر مقعدًا فى المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية. ويتفق البلدان على أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية للعرب، ويسعيان لتنسيق الجهود لدعم حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

كما يقود البلدان جهودًا لدفع العمل العربى المشترك، ويشكلان ثنائيًا متفاهمًا داخل جامعة الدول العربية، كما يتعاونان فى دعم الاستقرار والتنمية فى القارة الإفريقية، خاصة فى منطقة الساحل، مع دعم رؤية إفريقية لحل المشاكل. 

وتواجه العلاقات بين البلدين تحديات تتمثل فى تفعيل القرارات المشتركة وتذليل العقبات البيروقراطية أمام الاستثمار، وتعزيز الروابط الثقافية والشعبية بشكل أكبر.

إن مستقبل العلاقات الاستراتيجية بين مصر والجزائر يتجه نحو تعميق الشراكة فى مجالات جديدة، لا سيما فى التحول الرقمى، والطاقة المتجددة والصناعات المعرفية، كما أن الجمع بين الخبرة المصرية والتجربة الجزائرية فى مختلف المجالات، والدور المحورى لكل منهما فى موازين القوى الإقليمية، يجعلهما ركيزتين أساسيتين للأمن والاستقرار والتنمية فى منطقة تعج بالتوترات.

ومعروف أن الرئيس السيسى يولى اهتمامًا بالغًا بتعزيز العلاقات الثنائية مع الجزائر، انطلاقًا من الروابط التاريخية والأخوية العميقة التى تجمع البلدين، وتتجلى أهمية هذه العلاقات فى التنسيق المستمر على المستويين السياسى والأمنى، سعيًا لتوحيد الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية، خاصة ما يتعلق بالأمن العربى والأوضاع فى ليبيا والسودان.

كما يحرص الرئيس السيسى على توسيع آفاق التعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى، ما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين ويدعم جهود الاستقرار والتنمية فى المنطقة المغاربية والمشرقية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق