شهد مقر جريدة الدستور بالقاهرة حدثًا استثنائيًا جمع بين القيادات العسكرية وممثلي القوى المشتركة الداعمة للقوات المسلحة السودانية، إلى جانب وفد واسع من القيادات النسائية القادمة من دارفور، ولا سيما مدينة الفاشر، إضافة إلى نخبة من الأدباء والمفكرين والأكاديميين والصحفيين السودانيين والعرب.
جاءت الزيارة في إطار المشاركة في تدشين منصة "هنا السودان" التي أطلقتها مؤسسة الدستور، على هامش الندوة المحورية المعنونة: "الفاشر.. سردية مدينة محاصرة.. إلى أين؟".
منذ اللحظات الأولى لوصول الوفود، بدا واضحًا حجم الاهتمام الذي يثيره ملف الفاشر بوصفها المدينة التي باتت تمثل عنوانًا لصمود تاريخي ومرحلة حرجة في مسار الحرب السودانية. وقد ضمّ الوفد العسكري قيادات بارزة تعمل بشكل مباشر في تنسيق جهود الدفاع الشعبي والدعم اللوجستي للقوات المسلحة، كما شاركت قيادات نسائية من دارفور لعبت أدوارًا محورية في دعم المجتمع المحلي وتأمين خطوط الإغاثة والتواصل الأهلي خلال فترات الحصار.
قام بإدارة الندوة الكاتب الصحفي عمرو خان، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية، الذي تولى وضع إطار مهني للنقاش عبر طرح الأسئلة الجوهرية حول مستقبل المشهد العسكري والسياسي في الإقليم.
وتنوعت محاور النقاش بين سيناريوهات وقف النار وسبل التهدئة، وآفاق مسارات التفاوض، وكيفية إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، إضافة إلى تحليل دور ميليشيا الدعم السريع وتأثيرها على استقرار دارفور والمنطقة المحيطة.
وشارك في الندوة مجموعة من أبرز الشخصيات ذات الخبرة في قضايا السودان، بينهم الفريق إبراهيم ألماظ، مستشار حركة العدل والمساواة، الذي قدّم قراءة موسّعة حول الوضع الميداني وتعقيدات المشهد العسكري في الفاشر.
كما حضرت الدكتورة مدينة حسين دوسة، حفيدة سلطان الفاشر وأستاذ مشارك بجامعة الأحفاد، مقدّمة رؤية تاريخية–اجتماعية تربط بين تحولات المدينة وسياقات الحرب الممتدة.
وعلى الجانب الإعلامي، شارك الدكتور عبد الملك النعيم، أستاذ الإعلام ومستشار السفارة، بمداخلة حول أهمية استعادة الرواية السودانية في مواجهة التشويش الإقليمي والدولي.
كما أدلى الكاتب الصحفي صلاح الشيخ، الأمين العام لاتحاد الصحفيين، بمداخلة اعتبرت أن الإعلام لم يعد مجرد ناقل للحدث، بل أصبح طرفًا فاعلًا في تشكيل الرأي العام وصناعة الوعي في لحظات الصراع. وشاركت كذلك الدكتورة إيمان الشعراوي، رئيس مركز مسارات–مصر، بتقديم تحليل حول البعد الإقليمي للأزمة، مع التركيز على سبل حماية المدنيين ومنع تمدد الحرب نحو مناطق جديدة.
وقد مثل تدشين منصة "هنا السودان" نقطة تحول مهمة، حيث تهدف المنصة إلى تقديم محتوى مهني يعتمد على المعلومة الدقيقة والتحليل المتخصص، مع التركيز على قضايا الهامش، وخاصة دارفور، وإبراز أصوات الفاعلين الحقيقيين داخل المشهد السوداني. كما وفّرت الزيارة مساحة للتلاقي بين الفاعلين العسكريين والمدنيين والإعلاميين، بما يعزز إمكانيات بناء جسر تواصل فعال بين الداخل والخارج.
وفي الختام، أكدت الندوة والزيارة المصاحبة لها أن الفاشر ليست مجرد مدينة محاصرة، بل ساحة يعاد فيها تعريف مستقبل السودان السياسي والأمني، وأن استشراف هذا المستقبل يستدعي توثيق الرواية السودانية الأصيلة، وتفعيل منصات إعلامية مستقلة قادرة على نقل الحقيقة بلا تحيّز، وهو ما تسعى إليه منصة "هنا السودان" في انطلاقتها الجديدة.
أقرأ أيضًا:















0 تعليق