لحظة اغتيال طبطبائي: اسرائيل تريد عرقلة المبادرات

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تثير عملية الاغتيال الأخيرة التي نفّذتها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي استهدفت أحد قياديّي حزب الله، أسئلة عميقة تتجاوز البعد الأمني المباشر للعملية.

Advertisement


 فالهجوم لا يمكن قراءته فقط كحلقة جديدة في مسلسل التصفيات التي تعتمدها إسرائيل في مواجهة الحزب، بل يبدو متصلًا بسياق سياسي أوسع، يرتبط بالتوقيت والدوافع والرسائل التي تريد إسرائيل إرسالها في هذه المرحلة الدقيقة من تطوّرات المنطقة.

اللافت أن التصعيد يأتي في لحظة بدأت تلوح فيها مبادرات يمكن أن تشكّل مخرجًا من التوترات المتراكمة. المبادرة المصرية التي تتحرك على خط الساحة اللبنانية، والاندفاع الاميركي نحو صياغة مقاربة شاملة تهدف إلى تهدئة الملفات الإقليمية، يشكّلان مسارين لا ترغب إسرائيل بأن يكتمل نضجهما. فكل تحرك حقيقي نحو حلّ يقيّد هامش المناورة الإسرائيلي، ويحدّ قدرتها على الاستمرار في سياسات الضغط العسكري والأمني التي اعتادت اعتمادها.

من هنا، يظهر أن توقيت عملية الاغتيال لم يكن تفصيلاً عابرًا. بل يبدو أقرب إلى خطوة محسوبة تهدف إلى تحقيق جملة أهداف مترابطة. الهدف الأول هو تسجيل إنجاز أمني وعسكري يحاول إعادة فرض قواعد الاشتباك بالطريقة التي تريدها إسرائيل، وإظهار قدرتها على الوصول إلى عمق البيئة الحاضنة لحزب الله. أما الهدف الثاني فهو توجيه ضربة معنوية مباشرة للحزب، في لحظة يحاول فيها أن تعيد ترميم صورة الردع التي تضررت خلال المرحلة الماضية.

لكن الأخطر يتمثل في الهدف الثالث: عرقلة أي مسار للحل قد يتشكل في المرحلة المقبلة. فإسرائيل لا تريد تهدئة شاملة تُخرج الساحة اللبنانية من دائرة الضغط، لأنها تعتبر أن استمرار التوتر ـ تحت سقف معيّن ـ يمنحها مساحة أوسع للمناورة، خصوصًا في الأشهر المقبلة التي قد تشهد تبدلات إقليمية لا ترغب تل أبيب بأن تأتي على حساب نفوذها أو قدرتها على فرض شروطها.

لهذا السبب، يمكن فهم العملية أيضًا كمحاولة لاستدراج حزب الله إلى ردّ يدفع الأمور نحو مشهد أكثر دراماتيكية. فإسرائيل تدرك أن أي ردّ واسع قد يفتح الباب أمام تصعيد كبير يصعب ضبطه، وهو ما قد يخلط الأوراق ويعيد ترتيب الأولويات بعيدًا عن المسارات السياسية الناشئة. لكن في المقابل، يدرك حزب الله أن الدخول في مواجهة مفتوحة ليس في مصلحته في هذه المرحلة، وأن إسرائيل تحاول دفعه إلى مربع لا يريده.

بذلك، يبدو الاغتيال الأخير ليس مجرد ضربة أمنية، بل خطوة محسوبة في لعبة سياسية وأمنية مركّبة، هدفها إبقاء الساحة مفتوحة على التوتر وتجميد أي فرصة حقيقية لتهدئة قد لا تخدم الاستراتيجية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق