كيف تكتشف الأسرة تعرّض طفلها لهتك العرض؟.. إخصائية نفسية توضح

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد الحادثة المؤسفة التي شهدتها إحدى مدارس العبور، والتي تسببت في صدمة كبيرة داخل المجتمع وأسرت حالة من القلق بين أولياء الأمور، بدأ يتردد تساؤل جوهري في كل بيت: كيف يمكن للأم أو الأب اكتشاف تعرض طفلهم لهتك عرض أو محاولة اعتداء؟ فغالبًا ما يعجز الأطفال عن التعبير عمّا يتعرضون له، ليس فقط بسبب الخوف أو الخجل، بل أحيانًا لأنهم لا يدركون طبيعة ما حدث لهم،  وهنا تصبح العلامات النفسية والسلوكية هي المفتاح الأول للكشف المبكر.

توضح الدكتورة سلمى محمد، أخصائية الإرشاد النفسي، أن الطفل الذي يمرّ بصدمة  يظهر سلسلة من المؤشرات التي لا يجب تجاهلها، بعضها يبدو مباشرًا وسريع الظهور، بينما يتطور البعض الآخر بصورة تدريجية مع مرور الوقت،  وتشير إلى أن أولى تلك الإشارات تتمثل في التغيرات الحادة في السلوك الاجتماعي، إذ يتحول الطفل فجأة إلى الانسحاب من أصدقائه وتجنّب اللعب أو الأنشطة المعتادة، وهو ما يدل على فقدانه للشعور بالأمان،  كما يلاحظ في أحيان أخرى أن الطفل يصبح شديد التعلّق بالأم أو أحد البالغين، وكأنه يبحث عن مصدر طمأنينة مفقود.

 

مخاوف غير مبررة

وتضيف الدكتورة سلمى أن ظهور مخاوف غير مبررة—كالخوف من الظلام أو من الذهاب للمدرسة أو من أشخاص معيّنين—قد يكون انعكاسًا مباشرًا للتجربة التي تعرض لها الطفل، مؤكدة أن الاستماع لهذه المخاوف وتدوين أسبابها خطوة ضرورية لفهم ما يدور داخله،  ومن العلامات المهمة أيضًا تراجع التركيز الدائم وتشتت الانتباه، إذ كثيرًا ما تتدهور قدرته الدراسية فجأة بسبب الصدمة النفسية، مما يستلزم تواصل الأسرة مع المدرسة لمتابعة ما يحدث.

وتشير أخصائية الإرشاد النفسي إلى أن اضطرابات النوم والأكل قد تكون من أكثر المؤشرات شيوعًا؛ فالطفل قد يعاني من كوابيس متكررة أو أرق أو فقدان شهية، أو على العكس يلجأ إلى تناول الطعام بشكل مفرط، وفي بعض الحالات يعود الطفل لسلوكيات طفولية متراجعة مثل التبول اللاإرادي، وهو أمر يجب التعامل معه بحساسية لأنه ليس سوء سلوك بل تعبير عن صدمة عميقة، وقد تُفاجأ الأسرة بإظهار الطفل معرفة جنسية لا تتناسب مع عمره أو استخدامه كلمات وتصرفات غير مألوفة داخل بيئته الطبيعية، وهي علامة تحذيرية خطيرة يجب التوقف عندها فورًا.

وتؤكد سلمى أن الأطفال غالبًا ما يعبّرون عن تعرضهم للاعتداء من خلال اللعب أو القصص الخيالية، لذلك فإن مراقبة محتوى اللعب جزء مهم من عملية الاكتشاف، كما أن السلوك العدواني المفاجئ، أو على النقيض، الرغبة في الهروب من المدرسة، قد يكشف عن خوف الطفل من مواجهة المعتدي، وتضاف إلى ذلك مشاعر الاكتئاب، الحزن المستمر، أو فقدان الشغف بالأنشطة التي كانت تسعده، وفي الحالات الأكثر خطورة قد يظهر على الطفل سلوك إيذاء النفس، وهو مؤشر يستوجب تدخلًا نفسيًا عاجلًا ودون تأخير.

وتختتم الدكتورة سلمى محمد بضرورة التعامل مع أي تغيير نفسي أو سلوكي بجدية كاملة، فالاكتشاف المبكر قد ينقذ الطفل من آثار ممتدة قد تظل معه لسنوات، كما تشدد على أهمية تعزيز التواصل اليومي بين الطفل ووالديه، ومتابعة المدرسة لأي إشارات مقلقة، لضمان بيئة أكثر أمانًا تحمي الأطفال من أي تهديد يمس سلامتهم النفسية والجسدية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق