تعود جماعة الإخوان الإرهابية لتتصدر واجهة الجدل الأوروبي، وهذه المرة عبر واحدة من أكبر قضايا الفساد التي تفجّرت داخل السويد، بعدما كشفت التحقيقات تورط مؤسسات تعليمية ورعائية يسيطر عليها عناصر من التنظيم في عمليات اختلاس واسعة النطاق.
والفضيحة لم تكن مجرد تجاوزات إدارية أو أخطاء مالية، بل بنية فساد كاملة كانت تعمل تحت لافتة “الخدمة المجتمعية” بينما تحوّل الأموال العامة إلى شبكات غامضة مرتبطة بالتنظيم خارج البلاد.
وتسلّط هذه الواقعة الضوء على خطورة تغلغل الإخوان داخل المجتمعات الأوروبية، حيث استفاد التنظيم لسنوات من مساحة الحركة التي وفرتها الديمقراطيات الغربية، مستغلًا قيم الانفتاح وحرية التنظيم لتأسيس وجود موازٍ داخل مؤسسات التعليم والمجتمع المدني.
ومع تراكم الوقائع، باتت الصورة أوضح: الجماعة التي قدّمت نفسها للغرب كجزء من التعددية، كانت تعمل بمنهج جماعات الضغط السرية، تبني شبكات نفوذ مغلقة، وتمارس أنشطة مالية لا تخضع للرقابة الكاملة.
انكشاف الغطاء الأوروبي
وأكد طارق البشبيشي، القيادي الإخواني المنشق، أن التطورات الأخيرة في الموقف الأوروبي تجاه جماعة الإخوان الإرهابية تعكس تحولًا نوعيًا في فهم الغرب لطبيعة هذا التنظيم، بعدما كانت العديد من الدول الأوروبية تمنحهم غطاءً سياسيًا أو مساحة للحركة بدعوى دعم الحريات والتعددية الثقافية.
وقال البشبيشي، في تصريحات خاصة، إن أوروبا، التي وفرت للجماعة لعقود مساحة للعمل الدعوي والتنظيمي، تراجعت الآن عن هذا النهج بعد أن تيقنت من خطورة السماح بوجودهم داخل مجتمعاتها.
وأوضح أن الدول التي ظنت يومًا أن الإخوان يمثلون “قوة ناعمة” أو تيارًا يمكن احتواؤه، اكتشفت مؤخرًا أن الجماعة تمتلك مشروعًا عابرًا للحدود، لا يعترف بسيادة الدول ولا بقوانينها، ويستغل مؤسسات المجتمع المدني والمساجد والجمعيات الخيرية لبناء شبكات نفوذ موازية، ومع تزايد التحقيقات وكشف مصادر التمويل المشبوهة، بدأت أوروبا تدريجيًا في رفع الغطاء عن الجماعة، وتشديد الرقابة على أنشطتها، بل واتخاذ إجراءات قانونية بحق عناصرها.
وأضاف أن ما يجري اليوم في السويد مثال جديد على هذا التحول؛ فبعد فرض الضرائب والقيود المالية، وجد عناصر الإخوان أنفسهم أمام واقع لا يستطيعون التحايل عليه، فاختاروا الهروب كما فعلوا في دول أخرى.
وقال إن الجماعة أصبحت فعليًا “رحّالة”، تتنقل من بلد إلى آخر كلما أُغلقت أمامها الأبواب، في مشهد يعكس إفلاس مشروعها وخسارة جذورها الشعبية والتنظيمية.
من جانبه قال إبراهيم ربيع، القيادي الإخواني المنشق، إن التحولات المتسارعة في الموقف الأوروبي تجاه جماعة الإخوان الإرهابية تؤكد أن زمن الدعم الضمني أو التغاضي عن تحركاتها انتهى، بعدما تكشفت أمام الحكومات والمجتمعات الغربية حقيقة هذا التنظيم الذي طالما ارتدى عباءة الاعتدال بينما كان يدير في الخفاء أجندة متطرفة تتناقض مع القيم الديمقراطية التي يدّعي احترامها.
وأوضح ربيع، في تصريحات خاصة، أن الدول التي وفّرت ملاذًا للإخوان لسنوات—سواء بدافع سياسي أو تحت عنوان حماية الحريات باتت اليوم تدرك أن وجود الجماعة على أراضيها لم يجلب سوى التوتر المجتمعي، ومحاولات اختراق المؤسسات، وبناء شبكات تمويل معتمة. ومع تراكم الأدلة وتقارير التحقيقات في عدة دول، بدأت هذه الحكومات تتراجع تدريجيًا عن مواقفها السابقة، ثم انقلبت على الجماعة بشكل واضح، لتجد الأخيرة نفسها بلا ظهر ولا دعم.
وأشار إلى أن الجماعة التي كانت تعتمد على تلك الدول كمنصات للتحرك وترويج خطابها، أصبحت تعيش حالة من التيه السياسي والتنظيمي، فتتنقل من بلد إلى آخر كلما ضاقت عليها القوانين أو انكشف نشاطها المالي.












0 تعليق