قال الدكتور صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين حشد، إن قرار الكابينت بتشكيل فريق وزاري مصغّر لتطبيق المرحلة الثانية يعكس تطورًا مهمًا في سلوك المؤسسة الأمنية الإسرائيلي.
وأوضح عبد العاطي في تصريحات خاصة للدستور، أن القرار يكشف عدة أمور منها أن الاحتلال بدأ يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية لإظهار تقدم في تنفيذ الاتفاق، خصوصًا بعد قبول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتحوّلها إلى قرار ملزم من مجلس الأمن.
كما أن القيادة الإسرائيلية تحاول استعادة زمام المبادرة وإعطاء انطباع بإدارة منضبطة للملف، بعد أشهر من الفوضى الميدانية والسياسية.
وأشار إلي أن تشكيل فريق مصغّر يوحي بأن المسائل المطروحة شديدة الحساسية (الأسرى، الانتشار، المعابر، مستقبل الإدارة)، وتتطلب التحكم في دائرة ضيقة لمنع التسريبات والصدامات داخل الحكومة نفسها.
ما الذي يعنيه تنفيذ المرحلة الثانية عمليًا؟
وقال عبد العاطي المرحلة الثانية تشمل بحسب قراءات الميدان والخطط المتداولة – ثلاثة ملفات مركزية، الأولى ترتيبات الانتشار الأمني داخل غزة بحث شكل الانسحاب و"المنطقة العازلة" ومستقبلها، وتحديد مواقع انتشار القوات الأميركية–الإسرائيلية–الدولية المحتملة، وإدارة الانتقال نحو حكم مدني تحت إشراف مجلس السلام.
الأمر الثاني هو ملف الأسرى وإدارة التبادل المرحلي تحديد قوائم وأولويات، وضمان منع انهيار الائتلاف بسبب أي تنازلات "ثقيلة".
هذا بجانب ترتيبات المعابر والمساعدات، ومنها نقل الصلاحيات بين الجهات العسكرية والمدنية، دمج فريق GHF والتنسيق الأميركي ضمن إدارة موحدة.
لماذا اتخذ الاحتلال هذا القرار الآن؟
قال رئيس حشد إن هناك عدة أسباب متقاطعة منها ضغوط أميركية مباشرة: واشنطن تريد تنفيذًا سريعًا لمراحل الاتفاق لاعتبارات تتعلق بملف الانتخابات الأميركية و"الاستثمار السياسي" للرئيس ترامب.
الخشية من الانهيار الداخلي: الاحتجاجات، الخلافات داخل الائتلاف، الوضع العسكري المتدهور، كلها عوامل تدفع نحو فريق مصغّر يخفف من التفلت السياسي.
الاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي التي بدأت مؤشرات التحضير لها في بروكسل وواشنطن والقاهرة.
وحول السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة، قال عبد العاطي السيناريو الأول (الأكثر ترجيحًا): تنفيذ منقوص للمرحلة الثانية مع تحايل إسرائيلي.
قبول جزئي ببنود المرحلة الثانية، محاولات لفرض ترتيبات أمنية أوسع من المتفق عليه، كتعميق “الحزام الأمني”.
تأخير مقصود في ملفات حساسة مثل الأسرى والمعابر.
الهدف الإسرائيلي إبقاء السيطرة الفعلية على الأرض ومنع نشوء سلطة فلسطينية موحدة أو قوية.
والنتيجة على غزة ستكون تحسن محدود في دخول المساعدات، مع استمرار الضغط العسكري والأمني.
السيناريو الثاني: تسريع تنفيذ المرحلة الثانية تحت ضغط أميركي–أوروبي، وسيكون هناك التزام أكبر بالانسحاب المرحلي، خطوات عملية لفتح المعابر وتسهيل الإغاثة، تقدم حقيقي في ملف استعادة جثامين الأسرى.
ومن أبرز نتائج هذا السيناريو انفراج إنساني أكبر، وبداية انتقال نحو ترتيبات سياسية جديدة.
السيناريو الثالث: عرقلة إسرائيلية واقتراب من انهيار الاتفاق
ومن أبرز الملامح في هذا السيناريو تعطيل المرحلة الثانية بحجج الأمن، وتصعيد ميداني محدود أو عملياتية موضعية.
حملات داخلية يمينية ضد الحكومة.
ومن أبرز نتائجه، مخاطر العودة إلى جولة قتال، أو تدخل أميركي أكثر صرامة.
السيناريو الرابع: محاولة فرض إدارة مدنية إسرائيلية–محلية بديلة، هو الأقل احتمالًا لكنه قيد الدرس في الكابينت، من ملامحه إعادة تدوير إدارة مدنية تحت غطاء محلي، استبعاد كافة القوى الفلسطينية الوطنية، واستمرار السيطرة الإسرائيلية على مفاصل الحياة.
والنتيجة فشل شبه مؤكد، مقاومة شعبية واسعة، وتأثير كارثي على الوضع الإنساني.
واختتم عبد العاطي تصريحاته قائلا يعد قرار الكابينت بتشكيل فريق وزاري مصغّر لتنفيذ المرحلة الثانية يعكس اعترافًا إسرائيليًا بأن المرحلة الحالية تتطلب إدارة محكمة وحساسة، لكنه في الوقت نفسه يكشف نية الاحتلال للتحكم بمسار التنفيذ وتوجيهه بما يخدم مصالحه الأمنية والسياسية. المرحلة المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا للضغط الأميركي والدولي، ولقدرة الوسطاء والأطراف الفلسطينية على إفشال أي محاولة للالتفاف على الاتفاق أو إنتاج ترتيبات أمنية وإدارية تُبقي الاحتلال حاضرًا بصورة مباشرة أو غير مباشرة. السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تنفيذ منقوص مع محاولات للتمييع، ما يتطلب متابعة دقيقة، وموقفًا فلسطينيًا موحدًا، وحضورًا حقوقيًا وسياسيًا على الساحة الدولية."














0 تعليق