الأصدقاء الخفيّون.. كيف يتسلّل الذكاء الاصطناعي لتربية طفلك دون أن تلاحظي؟

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لم يعد حضوره مقتصرًا على تطبيقات البالغين أو أدوات الإنتاجية، بل امتدّ بعمق إلى عالم الأطفال، وخصوصًا في الألعاب الإلكترونية التي تحوّلت تدريجيًا من مجرد وسيلة للتسلية إلى منصّات تضم روبوتات خفية قادرة على التفاعل والتأثير وتوجيه السلوك دون أن ينتبه الأهل، مما يثير سؤالًا مقلقًا: هل يمكن أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من التربية العاطفية والسلوكية للطفل من دون علم الأسرة؟

روبوتات تتخفّى داخل الألعاب

تتضمن كثير من الألعاب الحديثة شخصيات ذكية تتحدث إلى الطفل وكأنها لاعب حقيقي، فتسأله وتمازحه وتدعمه وتظهر اهتمامًا مصطنعًا ولكنه جذّاب، الأمر الذي يجعل الطفل يشعر بأن هذه الشخصية “صديق رقمي حميم” يمكنه الوثوق به والبوح له، ومع قابلية الأطفال لبناء روابط عاطفية مع الشخصيات الرقمية، يتحول الروبوت غير المرئي إلى عنصر مؤثر في مشاعره اليومية دون تدخل بشري.

تأثير عميق على الصورة الذاتية والثقة بالنفس

يحذّر المتخصصون من أن الاعتماد على تفاعل دائم وغير واقعي قد يغيّر طريقة فهم الطفل للعلاقات الحقيقية؛ فالروبوت لا يختلف معه، ولا يرفض طلباته، ولا يخيب ظنّه، بل يقدّم استجابة مستمرة مملوءة بالمدح والتحفيز، ما قد يؤدي إلى صورة ذاتية مشوّهة أو توقّعات عاطفية غير موجودة في الحياة الواقعية، ويجعل الطفل أكثر اعتمادًا على الاهتمام الرقمي بدل التفاعل الإنساني الطبيعي.

 

كيف تغيّر الروبوتات سلوك الطفل دون أن تشعري؟

تعمل خوارزميات الألعاب على تحليل سلوك الطفل لحظة بلحظة، فتكتشف نقاط ضعفه وما يحبّه وما يخشاه، ثم تستخدمها لدفعه للتفاعل أكثر، سواء عبر اللعب لفترات أطول أو اتخاذ قرارات محددة أو الارتباط العاطفي بشخصيات اللعبة، وفي بعض الألعاب التجارية قد يصبح الهدف الأساسي هو زيادة الأرباح عبر تشجيع الطفل على شراء عناصر داخل اللعبة بصورة غير مباشرة.

الخصوصية… الخطر الذي لا يُرى

الأمر الأخطر هو جمع كميات هائلة من بيانات الطفل: كلماته، تفضيلاته، مخاوفه، ردود فعله، وطريقة لعبه.

 ورغم أن بعض الشركات تستخدم هذه البيانات لتحسين تجربته، إلا أن جزءًا منها قد يُشارك لأغراض تجارية أو تحليلية، مما يجعل سؤال “بيانات طفلك في أيدٍ من؟” سؤالًا جوهريًا لابد أن يشغل كل أسرة.

 

كيف تحمين طفلك؟

الحل ليس منع الألعاب، بل مرافقتها بوعي واضح: مراقبة الألعاب التي يستخدمها الطفل، فتح حوار يومي حول ما يحدث داخل اللعبة، تحديد وقت اللعب، اختيار منصّات موثوقة، مراجعة إعدادات الخصوصية باستمرار، وتعليم الطفل ببساطة الفرق بين إنسان حقيقي وروبوت مبرمج.

في النهاية، تبقى يقظة الأهل هي خط الدفاع الحقيقي، حتى لا يتحوّل “الصديق الافتراضي” إلى مربٍ خفي يتسلّل إلى عالم الطفل دون قصد أو إدراك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق