أكد عدد من المواطنين السودانيين أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بغرب السودان، تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى تاريخ العالم الحديث، بعد أن تحولت خلال الأسابيع الماضية إلى ساحة مفتوحة للقتل والدمار على يد ميليشيا «الدعم السريع»، التى ارتكبت جرائم قتل جماعى واغتصاب ونهب وحرق للأحياء والممتلكات، مع منع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية إلى المدينة، ما أدى إلى مجاعة واسعة النطاق ونقص حاد فى الاحتياجات الأساسية.
وأوضح المواطنون السودانيون، لـ«الدستور»، أن ما ترتكبه ميليشيا «الدعم السريع» من تصفية ممنهجة للمدنيين فى الفاشر، مع القصف الشامل لأحياء المدينة يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مطالبين المجتمع الدولى والاتحاد الإفريقى بتدخل عاجل لوقف ما يحدث فى الفاشر من جرائم وانتهاكات، مع تأمين وصول المساعدات الطبية والإنسانية إلى المدينة بشكل عاجل.
محمد موسى: إعدامات ميدانية وتهجير قسرى وتعذيب وعنف جنسى ضد النساء
اعتبر الناشط السودانى محمد أبوبكر موسى، أحد أبناء مدينة الفاشر، أن ما يحدث فى السودان، خاصة فى الفاشر، يعد «جرائم وانتهاكات بالغة الخطورة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».
وأوضح «موسى»، لـ«الدستور»، أن ما تم توثيقه من وقائع فى الفاشر يكشف عن نمط من الجرائم المنظمة التى تنفذها ميليشيا «الدعم السريع» ضد المدنيين، فى إطار حملة ممنهجة للقتل والتهجير والتدمير. وقال: «الفاشر تشهد إعدامات ميدانية ومجازر جماعية ارتكبتها الميليشيا مع سيطرتها داخل المدينة، وعمليات القتل استهدفت المدنيين على أساس عرقى، وهناك أدلة وصور وفيديوهات، بعضها مصدره عناصر داخل الميليشيا نفسها، تُظهر نشاطًا منظمًا لحفر مقابر جماعية فى منطقة كركر شرق الفاشر، عند الكيلو ٢٦، فى محاولة واضحة لطمس معالم الجرائم وإخفاء الأدلة».
وتابع: «الميليشيا نفذت عمليات تهجير قسرى واسعة للسكان، وأجبرت مواطنين على مغادرة منازلهم، واختطفت كوادر طبية، وطالبت بفدية مالية لإطلاق سراحهم، ما فاقم الأزمة الإنسانية داخل المدينة، وهى تواصل عمليات النهب الواسع للممتلكات الخاصة والمنشآت المدنية، خاصة فى الأحياء الجنوبية والشرقية والشمالية من الفاشر، ومنزلى كان من بين المنازل التى تعرضت للتدمير والنهب».
واستطرد: «الميليشيا اعتمدت سياسة الحرق والتدمير فى القرى والمزارع المحيطة بالفاشر، ما أدى إلى خسائر فادحة فى الأراضى الزراعية ومصادر الغذاء.
كما وثّقت منظمات محلية ودولية العشرات من حالات العنف الجنسى ضد النساء والفتيات، إضافة إلى الاحتجاز التعسفى والتعذيب الذى طال آلاف المدنيين وأفراد القوات المسلحة المشتركة».
أحمد موسى: التطهير العرقى يستهدف تفريغ الإقليم من سكانه الأصليين
أكد المواطن السودانى أحمد موسى، أن ما يحدث فى مدينة الفاشر يعتبر من أبشع المآسى الإنسانية فى العصر الحديث، مشيرًا إلى أن ميليشيا محمد حمدان دقلو، تنفذ حملة إبادة ممنهجة تستهدف المدنيين العزل على مرأى المجتمع الدولى.
وأوضح موسى أن المدينة تعيش تحت حصار شامل أدى إلى انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية، بعد أن جرى قطع الإمدادات الغذائية والطبية ومنع دخول المساعدات الإنسانية، فى وقت تتعرض فيه الأحياء السكنية إلى قصف متواصل أوقع مئات القتلى من النساء والأطفال.
وبيّن أن الميليشيا تمارس سياسة تطهير عرقى تهدف إلى تفريغ الإقليم من سكانه الأصليين عبر القتل والتهجير القسرى.
وأضاف أن الوضع الإنسانى داخل الفاشر بلغ مرحلة الكارثة، إذ انعدمت الكهرباء والمياه، وامتلأت الشوارع بالجثث المتحللة وسط غياب تام للمنظمات الإنسانية وفرق الإنقاذ، بينما تنتشر الأمراض بسبب تدهور الأوضاع الصحية وانعدام الأدوية.
وأشار إلى أن عناصر الميليشيا تفرض على الأهالى دفع مبالغ فدية باهظة للإفراج عن ذويهم المختطفين، الأمر الذى اضطر الكثير من الأسر إلى بيع ممتلكاتها ومصوغاتها لتأمين حياة أفرادها.. هذه الممارسات ابتزاز منظم يهدف إلى إذلال السكان وإجبارهم على مغادرة المدينة.
سيف الدين عبدالله: الآلاف غادروا منازلهم بسبب القصف والحصار
قال المواطن السودانى سيف الدين عبدالله إن ما ترتكبه ميليشيات «الدعم السريع» ومرتزقتها فى مدينة الفاشر يعد «جرائم إرهابية مروعة، وإبادة جماعية مكتملة الأركان، تستهدف المدنيين العزل فى واحدة من أبشع صور الانتهاكات الإنسانية التى شهدها الإقليم».
وأوضح «عبدالله»، لـ«الدستور»، أن الفاشر تعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث اضطر آلاف المواطنين إلى مغادرة منازلهم تحت القصف والحصار الممنهج، مشيرًا إلى أن الميليشيا تمارس عمليات قتل جماعى وإعدامات ميدانية وخطف واغتصاب وسرقة ممنهجة للبيوت والمحال التجارية.
وأشار إلى أن الصور والفيديوهات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعى توثق لحظات إعدام رميًا بالرصاص لنازحين كانوا يحاولون الفرار من المدينة، لافتًا إلى أن عدد الضحايا تجاوز الآلاف، وفقًا لما أظهرته تسجيلات الميليشيات نفسها.
وأضاف: «ما يحدث فى الفاشر والجنينة يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى الإنسانى، ويكشف عن الوجه الحقيقى لميليشيات الإرهاب المدعومة من الخارج، مطالبًا المجتمع الدولى والاتحاد الإفريقى بتحمل مسئولياتهما القانونية والأخلاقية، وفتح تحقيق عاجل وشامل فى الجرائم المرتكبة، مع فرض عقوبات رادعة على الجهات الداعمة للميليشيات».
وتابع: «نحن أهل الفاشر، وأبناء دارفور، نقف صفًا واحدًا خلف قواتنا المسلحة، وسنواصل المقاومة حتى يتحقق النصر، وتعود الفاشر رمزًا للصمود لا للإبادة، ونعاهد شهداءنا بأن العدالة ستتحقق مهما طال الزمن، وأن القوات المسلحة والقوات المشتركة وكتائب الإسناد والمقاومة الشعبية لن تترك هذه الجرائم تمر دون عقاب».
مكاوى الملك: مرتزقة دقلو يطلبون مليار جنيه سودانى لتحرير أى مدنى
ذكر الناشط والسياسى السودانى، مكاوى الملك، أن مدينة الفاشر تحولت بعد المجازر والإبادة التى ارتكبتها ميليشيا محمد حمدان دقلو إلى «مدينة الفدية»؛ إذ أصبح البقاء على قيد الحياة سلعة تُشترى بالمال مثل الماء والدواء.
وأوضح الملك أن مرتزقة دقلو يجبرون ذوى المدنيين المختطفين على دفع مبالغ فدية ضخمة تصل إلى أكثر من مليار جنيه سودانى لإطلاق سراح ذويهم، فيما يواجه من يعجز عن الدفع الموت المباشر.
وأضاف أن أكثر من ٣٠٠ مدنى جرى ذبحهم فى منطقة «بارا» بولاية شمال كردفان، الواقعة تحت سيطرة ميليشيا دقلو، مشيرًا إلى أن كردفان تشتعل الآن بنيران المعارك وسط حالة مأساوية يعيشها السكان.
ولفت إلى أن العالم لا يزال يتحدث عن هدنة محتملة فى السودان، بينما تُستخدم المجاعة والحصار كأدوات حرب ممنهجة، فى وقت تتواصل فيه عمليات الإبادة الجماعية فى دارفور.
وناشد المجتمع الدولى ومجلس الأمن والأمم المتحدة، التدخل العاجل لوقف هذه الكارثة الإنسانية، وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين، مؤكدًا أن استمرار الصمت الدولى يشجع على مزيد من الجرائم ويُكرّس لواقع إبادة جماعية غير مسبوقة فى تاريخ السودان الحديث.
هيثم محمود: يجب تصنيف قادة الميليشيا كإرهابيين ومجرمى حرب
قال الكاتب الصحفى والمحلل السياسى السودانى هيثم محمود، من مدينة بارا فى دارفور، إن من يعرف ميليشيا الدعم السريع لا يستغرب ما ترتكبه من جرائم؛ فهى ميليشيا بربرية متوحشة ومتعطشة للدماء، دائمًا تنتهك حقوق الإنسان.
وأوضح محمود، لـ«الدستور»، أن الميليشيا لا تقاتل القوات المسلحة أو المستنفرين فقط، وإنما تقاتل المواطنين العُزّل الأبرياء، مشيرًا إلى أن ما حدث فى مدينتَى الفاشر وبارا يصنّف كجرائم حرب مكتملة الأركان، خاصة أن الميليشيا أحكمت قبضتها على مدينة الفاشر لأكثر من عامين دون أن تتحرك المنظمات الأممية أو مؤسسات حقوق الإنسان لفك الحصار.
وأكد أن الميليشيا لم تُسقط الفاشر عسكريًا فقط، بل أسقطتها أيضًا بسياسة التجويع والحصار حتى اضطر الناس لأكل ورق الأشجار وبقايا الحيوانات.
وأضاف أن الانتهاكات التى وقعت فى الفاشر وبارا تظهر بوضوح الوجه الإجرامى لهذه الميليشيا التى قتلت أكثر من ٣ آلاف و٥٠٠ مواطن وفق معلومات ميدانية، بينما تتحدث الإحصاءات الرسمية عن نحو ٢٠٠٠ قتيل.
وأشار إلى أن «أهالى مدينة بارا الوادعة شهدوا مجازر بشعة، حيث قتلت الميليشيا بدم بارد أكثر من ٤٠ من مواطنيها الأبرياء لمجرد عودتهم إلى منازلهم بعدما حررتها القوات المسلحة»، موضحًا أن «هذه الانتهاكات، خاصة التصوير الممنهج لعمليات القتل، تهدف إلى إرهاب وإرعاب المواطنين».







0 تعليق