تصاعد الجدل السياسي والإعلامي في نيويورك عقب تصريحات المرشح الديمقراطي زهران ممداني، الذي وجد نفسه في قلب عاصفة من الانتقادات بسبب خطابه بشأن الوضع في غزة.
ورغم الضغوط التي تعرّض لها من بعض اللوبيات المؤثرة، خرج ممداني ليؤكد أنه يرفض أي شكل من أشكال معاداة السامية، موضحاً أن موقفه نابع من قناعة سياسية وإنسانية بدعم حقوق الشعب الفلسطيني ورفض العنف ضد المدنيين.
رد مباشر على الاتهامات
في مقابلة مع شبكة CNN، قال ممداني: "آخذ معاداة السامية على محمل الجد، وأرفض أي محاولة لتشويه مواقفي أو تصويرها كدعوة للكراهية".
وأضاف أن انتقاد سياسات حكومة إسرائيل لا يعني معاداة الشعب اليهودي، مشيراً إلى أن الدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان لا يتعارض مع نبذ الكراهية.
وجاءت تصريحاته بعد أن اتُهم بأنه لم يتخذ موقفاً حازماً من العبارات التي أطلقها بعض أنصاره خلال حملته، والتي فُسّرت على أنها تحمل نبرة "معاداة للسامية"، ما أثار قلقاً في أوساط الجاليات اليهودية في نيويورك.
الموقف السياسي
يُعد زهران ممداني أحد أبرز الوجوه التقدمية في الحزب الديمقراطي، ويمثل تياراً سياسياً يؤمن بالدفاع عن الأقليات والمهاجرين والعدالة الاجتماعية.
وخلال الأشهر الأخيرة، صعّد ممداني من انتقاداته لسياسات إسرائيل في غزة، واعتبر أن العمليات العسكرية المفرطة تخلق حلقة عنف لا تنتهي، داعياً إلى تدخل دولي لإعادة إعمار القطاع ووقف معاناة المدنيين.
لكن هذه المواقف، التي أكسبته تأييداً كبيراً بين فئات الشباب والناخبين المسلمين والعرب، جعلته هدفاً لانتقادات شديدة من بعض الساسة اليهود والمنظمات المؤيدة لإسرائيل، التي رأت في خطابه تجاوزاً للحدود المقبولة.
انقسام بين الناخبين
في أحياء نيويورك المتنوعة، بدا الانقسام واضحاً حول تصريحات ممداني.
فبينما اعتبره كثيرون صوتاً للإنسانية والتنوع، رأى آخرون أن مواقفه قد تُضعف وحدة المدينة وتثير الانقسام في فترة حساسة.
وبحسب صحيفة "ذا غارديان"، فإن تصريحات ممداني الأخيرة جاءت بعد لقاءات مغلقة مع قيادات دينية يهودية، في محاولة لتهدئة الأجواء وفتح قنوات حوار جديدة، في حين أشار مراقبون إلى أن "المرشح أظهر قدرة لافتة على المناورة السياسية دون التنازل عن مبادئه".
أبعاد أعمق من الحملة الانتخابية
القضية لم تعد فقط عن غزة، بل عن كيفية تفاعل السياسة الأميركية مع قضايا الشرق الأوسط.
ممداني، الذي يُعد أول مسلم من أصول هندية يفوز بمنصب عمدة نيويورك، يسعى لترسيخ خطاب جديد يقوم على "العدالة للجميع" دون أن يخضع للابتزاز السياسي.
ويرى محللون أن ردّه الأخير يعكس نضجاً سياسياً في التعامل مع اتهامات معقدة تمسّ الهوية والدين والعرق، وهو ما قد يعزز صورته كزعيم منفتح قادر على إدارة مدينة متعددة الأعراق والثقافات مثل نيويورك.
معركة الرأي والمبادئ
يبقى موقف ممداني من غزة ومعاداة السامية اختباراً حقيقياً لشخصيته السياسية وقدرته على الموازنة بين ضمير إنساني حر ومتطلبات مشهد انتخابي شديد الحساسية.
فبينما يرى مؤيدوه أنه يدافع بشجاعة عن القيم الأخلاقية، يرى منتقدوه أنه يخوض مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر.
لكن المؤكد أن هذا الجدل وضعه في مركز الضوء، وأثبت أن النقاش حول غزة تجاوز الشرق الأوسط، ليصبح جزءاً من حوار أميركا مع نفسها حول العدالة، الحرية، ومعنى التعددية الحقيقية.
















0 تعليق