كارتر لم يكن مكتشف مقبرة توت عنخ آمون.. والفضل لطفل مصري اسمه حسين عبد الرسول

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم من عام 1922، دوى في العالم خبر اعتبر آنذاك أعظم اكتشاف أثري في القرن العشرين، حين أعلن عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر العثور على مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون كاملة تقريبًا في وادي الملوك بالأقصر، غير أن ما لم يذكر في كتب التاريخ أن هذا الاكتشاف لم يبدأ بيد كارتر، بل بصدفة مذهلة قادها طفل مصري بسيط يدعى حسين عبد الرسول، لولاها لربما غادر البريطانيون المكان دون أن يعثروا على أي أثر.

4095682d37.jpg

الطفل الذي غير مجرى التاريخ

كان حسين عبد الرسول، وهو فتى لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، يعمل سقاءً لدى بعثة التنقيب البريطانية، وفي صباح حار من نوفمبر عام 1922، وبينما كان يسقي العمال ويبحث عن مكان يضع فيه جرات الماء، لاحظ شيئًا غريبًا يبرز من الرمال درجة حجرية مغطاة جزئيًا بالتراب.

تقدم الفتى ونادى على المشرف ليخبره بما رأى، فحضر كارتر بنفسه، وبدأ الحفر حتى ظهرت أولى درجات السلم المؤدي إلى مقبرة توت عنخ آمون، ومن هنا بدأت القصة التي نسبت لاحقًا بالكامل إلى العالم البريطاني، بينما غاب اسم الطفل المصري عن السجلات.

وبحسب شهادة نوبي حسين عبد الرسول، نجل مكتشف المدخل، فإن والده كان يمتطي حماره حين تعثر الحيوان وسقطت البلاصة (جرة الماء)، فانسكب ما فيها، ولاحظ الطفل أثناء جمعها وجود الحجر الغريب، كانت تلك اللحظة البسيطة هي التي غيرت تاريخ علم الآثار إلى الأبد.

664.webp

آل عبد الرسول.. حراس المقابر الملكية

لم يكن اكتشاف حسين وليد المصادفة وحدها، فـ عائلة عبد الرسول من قرية القرنة في الأقصر كانت معروفة منذ القرن التاسع عشر بخبرتها في التنقيب عن الآثار، فجده محمد عبد الرسول هو مكتشف خبيئة الدير البحري عام 1881، التي ضمت مومياوات عدد من أعظم ملوك الفراعنة.

هذه الشهرة جعلت كارتر يلجأ إلى أفراد العائلة للاستعانة بخبرتهم المحلية في التنقيب، وبعد اكتشاف المقبرة، ظل اسم العائلة حاضرًا في عالم الآثار لعقود، قبل أن يوقف نشاطهم عام 1983 بعد صدور قانون تجريم الاتجار في الآثار.

ورغم ذلك، لا تزال العائلة تحتفظ ببعض القطع الأثرية والمومياوات القديمة بإشراف إدارة الحيازة الأثرية بالمجلس الأعلى للآثار، التي تتابع طريقة حفظها بشكل دوري كل ستة أشهر.

fba307d60d.jpg

التاريخ الذي كتب بيد المنتصر

رغم أن وثائق عديدة أشارت إلى أن أحد الصبية المحليين هو مكتشف مدخل المقبرة، تجاهلت الصحافة الغربية تمامًا ذكر اسمه، وصنعت من كارتر أسطورة الرجل الذي "أهدى للعالم كنز الفراعنة"، هكذا كتب التاريخ بيد المنتصر، وتوارى اسم حسين عبد الرسول، الذي لم يكرم رسميًا حتى يومنا هذا.

666.jpg

اليوم، وبعد أكثر من قرن على الاكتشاف، أعيدت القصة إلى الواجهة خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث رويت القصة بصوت الفنان كريم عبد العزيز لتعيد الاعتبار للطفل المصري الذي غير مجرى التاريخ.

667.webp

تحتفظ العائلة اليوم بصورة نادرة تجمع حسين مع أعضاء البعثة البريطانية، ويقصد منزلهم في الأقصر سياح من مختلف دول العالم لالتقاط صور بجوارها، فذلك الطفل البسيط الذي أوقف التاريخ على أعتابه، أثبت أن العبقرية ليست حكرًا على العلماء، بل قد تبدأ بحركة حمار وسقوط بلاصة في الصحراء.

670.jpg

ولو لم يتعثر الحمار أو تنكسر الجرة، لظل كنز توت عنخ آمون مطمورًا تحت الرمال، ولربما لم يكتب لمصر أن تستعيد مجدها الأثري بهذه الطريقة الخالدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق