محاضراتالحائزين على جائزة نوبل في مجال الآداب ليست مجرد خطابات شكر، بل شهادة فكرية تكشف موقف الكاتب من العالم، ومن الأدب ذاته، وتأتي أهمية كتاب "محاضرات الحائزين على جائزة نوبل" من ترجمة عبد الودود العمراني والصادر عن الدار العربية للعلوم، في كونه يقدم بانوراما فكرية لعقد من التحولات الفكرية والأدبي من 2000 إلى 2020. من صدمة الحروب إلى دهشة العولمة.
يقدّم الكتاب مجموعة من الأصوات التي تنتمي إلى ثقافات متباعدة، لكن يجمعها خيط خفي هو الإيمان بقدرة الأدب على إعادة صياغة الوجود، ومقاومة النسيان.
قدم الكتاب محاضرات لعشرة كتاب عالميين منهم: ماريو برجاس يوسا 2010، هرتا مولر، جان ماري لو كليزيو، دوريس لسينج، أورهان باموق، هارولد بنتر، الفريد ياليناك، جون ماكسويل كوتز.
جاء الكتاب بمقدمة كيال إسبمارك والتي حملت عنوان "وصية نوبل وجائزة الأدب" والتي أشار فيها إلى وصية ألفريد نوبل 1985، وأن هناك جائزة مخصصة للشخص الذي أنتج في المجال الأدبي "أكثر الأعمال تميزا بتوجه مثالي".
وتحدث عن السياسات التي تبعتها الأكاديمية السويدية، المتعلقة بتحديد الشروط والحيادية في اختيار الحائزين على الجائزة، والنظر إلى الأعمال القديمة والانتباه إلى الأساتذة المجهولين، وتناول أسباب غياب اسم تولستوي في النسخة الأولى من الجائزة، والذي لم يتم ترشيح اسمه من خارج الأكاديمية، وبدوره أدى هذا الإغفال إلى رد فعل قوي من قبل الكتاب والفنانين.
من الصين.. جاو كسنجيان وعبء الحرية
تأتي محاضرة الكاتب الصيني غاو شينغجيان (الحائز على الجائزة عام 2000)، وهو أول كاتب صيني ناطق بالفرنسية يفوز بها، في محاضرته المعنونة «دعوى لصالح الأدب»، حيث يقدّم شينغجيان تصورًا عميقًا للكتابة بوصفها عزلةً ضرورية.
يقول: “الكاتب لا يتحدث باسم الأمة أو الحزب أو الجماعة، بل باسم الإنسان الوحيد في مواجهة الوجود، يقدم فيه إحلاله لمعنى الغيب رغم إلحاده”.
يرى كسنجيان والذي تعرض للاضطهاد وأُجبر على إتلاف كتاباته المبكرة، وأُرسل إلى الريف للقيام بأعمال شاقة في مقاطعة آنهوي لمدة ست سنوات، "أن الحرية التي يمنحها الأدب للكاتب هي في الوقت ذاته عبءٌ لا يُحتمل، لأنها تجعله عاريًا أمام أسئلته الكبرى، وفي ظل القيود السياسية التي عاشها في الصين، يصبح الأدب عنده وسيلة للنجاة من “الرقابة التي تقتل الروح”.
وأكد كسنغيجان أنه "لا يمكن لشخص أن يكون الله، ولا يمكنه بالتأكيد أخذ مكان الله وحكم العالم على شاكلة سوبرمان؛ لن يفلح في خلق مزيد من الفوضى وتحويل العالم الى بوتتقة تخبط متزايد".
ويرى كسنجيان أن ما يقنع الأدب على هيئة نشيد وطني أو راية عرقية أو لسان حال حزب سياسي، أو طبقة أو مجموعة، حتى تتاج إمكانية أستخدامة أداة دعاية هائلة تجتاح الأخضر واليابس. غيلا أن أدبا من هذا القبيل يخسر ما هو ضني في الدب وتوقف عن كونه أدبا ليصبح قائمقام السلطة والكسب.
ويؤكد أن في القرن الفائت واجه الأدب هذه النكبة ذاتها، وجرحته السايسة والسلطة كما لم يحصل أبدا من قبل، وتعض الكاتب بدوره لاضطهاد لم يسبق له مثيل.
وأكد في محاضراته أنه “لكي يحافظ الأدب على علة وجودة الخاص ولا يتحول إلى أداة للسياسة، يتعين عليه العودة إلى صوت الفرد، ذلك أن الأدب مشتث أسا من مشاعر الفرد وهو نتاج مشاعره، ولا يعني ذلك ان على ان الأدب بطلق السياسة، ولا يعني بها بالضروة”.













0 تعليق