يشهد قطاع غزة تصاعدًا غير مسبوق في أعداد المصابين باضطرابات نفسية حادة، بعد عامين من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي خلّفت دمارًا واسعًا ومآسي إنسانية عميقة.
ويؤكد أخصائيو الصحة النفسية أن ما يعيشه السكان اليوم هو "بركان من الصدمات النفسية"، لم يهدأ رغم إعلان الهدنة في أكتوبر الماضي.
يقول الدكتور عبد الله الجمل، مدير مستشفى الطب النفسي في غزة، إن المستشفى يستقبل يوميًا أكثر من 100 حالة جديدة، تتراوح بين الاكتئاب الحاد واضطرابات ما بعد الصدمة والهلع.
ويضيف أن “الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعلاج النفسي بدأت تتلاشى، بعد أن أصبح الألم النفسي جزءًا من الحياة اليومية لكل أسرة غزية”.
مستشفى مهدّم وطاقم مرهق
 يتحدث الجمل بحزن عن الوضع الصعب داخل المستشفى الذي يعمل من مقر مؤقت بعد تضرر المبنى الرئيسي.
ويشير إلى أن الأطباء يضطرون إلى استقبال المرضى في غرفة واحدة، ما يحرمهم من الخصوصية ويجعل العلاج الجماعي أكثر صعوبة.
ويؤكد أن الضغط اليومي الهائل دفع بعض العاملين أنفسهم إلى طلب الدعم النفسي، في ظل نقص حاد في الكوادر والأدوية وغياب البنية التحتية المناسبة.
أطفال الحرب.. كوابيس لا تنتهي
 بحسب تقارير الهلال الأحمر الفلسطيني، فإن الأطفال هم الفئة الأكثر تأثرًا بالصدمات النفسية.
وتشير الأخصائية نيفين عبد الهادي من جمعية الهلال الأحمر إلى أن “الطفل الغزي اليوم يعاني في كل تفاصيل حياته، من الطعام إلى الملبس والمأوى، وهناك أطفال لم يرتدوا ملابس جديدة منذ عامين”.
وتوضح أن أبرز الاضطرابات المنتشرة بين الأطفال تشمل كوابيس ليلية وسلس بولي وصعوبة في التركيز، إلى جانب مظاهر من الخوف المفرط والعزلة.
وتضيف: “نحن أمام جيل كامل يحمل ذاكرة حرب قبل أن يتعلم معنى السلام”.
صدمة جماعية وحاجة عاجلة للدعم
 تشير التقديرات الرسمية في غزة إلى أن عامين من القصف والاجتياحات أوديا بحياة أكثر من 68 ألف شخص، وتسببا في نزوح ملايين السكان، ليصبح في كل بيت قصة فقدٍ أو صدمة.
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، فإن الخروقات المتكررة وأصوات الطائرات الحربية ما تزال تذكّر السكان بالموت القريب، وتُعمّق من جراحهم النفسية.
ومع انهيار البنية الصحية وتراجع الدعم الدولي، يواجه الفلسطينيون في غزة أزمة صامتة لا تقل خطورة عن الحرب نفسها — أزمة في النفس والذاكرة والأمل.










            





0 تعليق