أندريه مالرو.. الأديب الذي جمع بين الفكر والثقافة والسياسة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بمناسبة ذكرى ميلاده..

في مثل هذا اليوم، وتحديدا 3 نوفمبر لعام 1901، ولد الكاتب أندريه مالرو الذي يُعدّ واحدًا من أبرز الأدباء والمفكرين الفرنسيين في القرن العشرين، إذ جمع بين موهبة الإبداع الأدبي، والاهتمام بالفنون، والعمل السياسي والثقافي، واشتهر كروائي ومؤرخ فنون ووزير ثقافة، كما كان من أقرب المقربين إلى الجنرال شارل ديجول، الذي عيّنه وزيرًا للشؤون الثقافية بعد توليه رئاسة فرنسا عام 1958، وهو المنصب الذي شغله لعقدٍ كامل.

ومن بين أبرز مؤلفاته: رواية "الشرط الإنساني" الصادرة عام 1933 والتي نال عنها جائزة "جونكور"، وكتاب "أصوات الصمت" عام 1951 الذي يعدّ من أهم الأعمال الفكرية في فلسفة الفن، إلى جانب "المتحف المتخيل" الذي قدّم فيه رؤية جديدة لعلاقة الإنسان بالفن عبر العصور.

بدايات أندريه مالرو

وُلد أندريه مالرو في عائلة ميسورة الحال، غير أن تفاصيل طفولته وتعليمه المبكر بقيت غامضة، وفي سن الحادية والعشرين، قرر خوض مغامرة في كمبوديا بعد أن قرأ عن معبد "خمير" أثري في نشرة أثرية، وقام باستخراج بعض النقوش الحجرية من المعبد ونقلها إلى العاصمة بنوم بنه، ليُعتقل فورًا ويحكم عليه بالسجن، ولكن الحكم أُلغي لاحقًا بعد استئنافه في باريس.

تجربته في السجن ومعايشته لظروف الاستعمار الفرنسي جعلت منه مناهضًا للاستعمار وداعيا للتغيير الاجتماعي، كما أسس في الهند الصينية صحيفة "إندوشين إنشينيه"، وشارك في تأسيس رابطة شباب أنام التي كانت نواة لحركة الاستقلال الفيتنامية لاحقًا، وانتقل إلى الصين، ويُعتقد أنه شارك في عدد من الحركات الثورية هناك، وربما التقى بالمستشار الروسي ميخائيل بورودين.

أندريه مالرو.. من الشرق إلى الأدب والسياسة

عاد أندريه مالرو إلى فرنسا في أواخر العشرينيات، ليبدأ مسيرته الأدبية برواية "إغراء الغرب"، تلتها أعمال مثل "الغازون" عام 1928، و"الطريق الملكي" عام 1930، وصولًا إلى عمله الأشهر "الشرط الإنساني" عام 1933 الذي رسّخ مكانته كأحد كبار الأدباء الفرنسيين.

ومع تصاعد الفاشية في أوروبا خلال الثلاثينيات، اتخذ أندريه مالرو مواقف حازمة ضد النازية، وشارك في لجان تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين مثل إرنست تيلمان وجورجي ديميتروف، كما نشر رواية "زمن الاحتقار" عام 1935 التي كشفت مبكرًا عن فظائع النازية ومعسكرات الاعتقال.

أندريه مالرو.. من الحرب الأهلية الإسبانية إلى المقاومة الفرنسية

عند اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، انضم مالرو إلى صفوف الجمهوريين ونظم لهم سربًا جويًا دوليًا شارك فيه كقائد وطيار، واستوحى من تلك التجربة روايته "الأمل" عام 1937، التي حوّلها لاحقًا إلى فيلم سينمائي أخرجه بنفسه في برشلونة عام 1938، ولم يُعرض في فرنسا إلا بعد تحريرها من الاحتلال النازي.

وفي الحرب العالمية الثانية، التحق مالرو بالجيش الفرنسي كمقاتل في وحدة دبابات، وأُسر ثم فرّ لينضم إلى المقاومة في الجنوب الفرنسي، كما شارك في قيادة فرقة من القوات الحرة خلال معركة تحرير الألزاس، وهناك التقى بالجنرال ديغول، لتبدأ بينهما صداقة استمرت حتى رحيل ديجول.

أندريه مالرو.. المفكر ووزير الثقافة

بعد الحرب، تولى مالرو وزارة الإعلام لفترة وجيزة، ثم تفرغ للكتابة وأصدر مؤلفه الفكري الكبير "أصوات الصمت" الذي اعتبر تأملًا فلسفيًا في معنى الفن ودوره في مواجهة الفناء والموت.

وفي عام 1958، عاد إلى الواجهة السياسية حين اختاره ديجول وزيرًا للثقافة في الجمهورية الخامسة، وهو المنصب الذي أحدث فيه ثورة ثقافية حقيقية، إذ أسس دور الثقافة في المدن الفرنسية، ووسع نطاق الوصول إلى الفنون والتراث لتشمل مختلف طبقات المجتمع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق