وسط صخب الحياة وضغوطها اليومية، تظل كلمات العلماء والمصلحين كالنبراس الذي يضيء الطريق أمام التائهين. ومن بين هؤلاء، يبرز الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي لم تكن وصاياه مجرد دروس في الدين، بل كانت "روشتات" للحياة، تهدي الناس إلى السكينة والرضا. ورغم مرور السنوات، فإن إحدى وصاياه البسيطة التي نسيها كثيرون، ما زالت تحمل بين طياتها سرًّا عظيمًا للراحة النفسية والاطمئنان الداخلي.
وفي زمنٍ تتزايد فيه الهموم وتشتدّ الضغوط، عاد اسم الشيخ الشعراوي ليتصدر أحاديث مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول مقتطفات من وصيته التي دعا فيها الإنسان إلى ترك ما لا يملك، والرضا بما قسم الله، وصية قصيرة في ظاهرها، لكنها بمثابة علاج شامل لآلام القلوب وضيق الصدور.
كان الشعراوي يؤكد دومًا أن "الراحة ليست في المال ولا في المنصب، بل في قلبٍ راضٍ ونفسٍ مطمئنة". وحينما سُئل عن سرّ الطمأنينة، قال عبارته الشهيرة: «ارْضَ بما قَسَمَ اللهُ لك، تكن أغنى الناس».
هذه الكلمات تحوّلت إلى شعارٍ لحياة الكثيرين، ممن قرروا تطبيقها عمليًا، فوجدوا فيها الخلاص من القلق والتوتر، وروى بعضهم أن مجرد تذكّرهم لهذه الوصية جعلهم أكثر صبرًا وهدوءًا أمام الأزمات، حتى باتت بمثابة دواءٍ روحي يُعيد الاتزان إلى النفوس المرهقة.
وفي وقتٍ يبحث فيه الناس عن حلول نفسية وأدوية باهظة، تأتي "روشتة الشعراوي" لتثبت أن العلاج الحقيقي يبدأ من الداخل، من إيمانٍ قوي بأن كل ما يحدث هو خيرٌ من الله، حتى وإن خفي وجه الخير في لحظته.
لقد ترك الشيخ الشعراوي إرثًا من الكلمات التي لا تذبل مع الزمن، ومن بينها هذه الوصية التي أعادت إلى الأذهان أن الراحة ليست هدفًا يُنال بالجهد، بل حالة يعيشها القلب حين يرضى عن قضاء الله وقدره.
وفي عالمٍ باتت السرعة عنوانه، والقلق رفيق درب كثيرين، تبدو وصية الشعراوي كصوتٍ هادئٍ يأتي من زمنٍ أنقى، ليذكّرنا بأن الطمأنينة لا تُشترى ولا تُكتسب بالصدفة، بل تُزرع في القلب بالإيمان والرضا. ولو عاد كل إنسان إلى نفسه ووقف لحظة تأمل أمام قوله تعالى: «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، لأدرك أن السعادة الحقيقية لا تأتي من الخارج، بل من الداخل.
إنها وصية ليست فقط للجيل الذي عاصر الشعراوي، بل رسالة خالدة لكل زمان، تقول لنا ببساطة: لا تُجهد نفسك في السعي وراء الكمال، فالكمال لله وحده، وارضَ بما أنت فيه، فإن في الرضا سرّ الراحة التي يبحث عنها الجميع.









 
            






 
                
            
0 تعليق