لهذه الأسباب.. لن تتخلى حماس عن سلاحها

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأحد 26/أكتوبر/2025 - 08:44 ص 10/26/2025 8:44:32 AM


أثبتت التجارب التاريخية، أن الشعب الذي يتخلى عن سلاحه، يُقتل ذليلًا ويُحتل أرضه ويُعتدى على عرضه، التاريخ يذكرنا دائمًا بأن الأمان الحقيقي لا يتحقق بالتخلي عن الحقوق، بل بالتمسك بالقوة اللأزمة للدفاع عنها.
في عام 1982، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على تسوية تقضي بخروج مقاتليها من العاصمة اللبنانية بيروت وتسليم أسلحتهم، آملًا في تحقيق السلام، ولكن للأسف، لم يمنع هذا القرار وقوع مجزرة «صبرا وشاتيلا»، حيث ارتكبت ميليشيات موالية لإسرائيل مجازر بشعة بحق آلاف المدنيين الذين كانوا يظنون أنهم في مأمن. 
وفي عام 1995، تجسدت تلك الحقيقة مرة أخرى في البوسنة، حيث شنت قوات الصرب حرب إبادة ضد المسلمين، في ظل هذه الظروف الخطيرة، تدخل المجتمع الدولي، مطالبًا مسلمي البوسنة بتسليم أسلحتهم، امتثل المسلمون لهذا الطلب وتخلوا عن سلاحهم، إلا أن قوات الصرب سرعان ما فرضت عليهم الحصار، حيث شهدت بلدة سربرنيتسا، التي كانت تُعتبر آنذاك منطقة آمنة تحت حماية قوات دولية، أكبر مجزرة في تاريخ أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تعرض سكانها المسلمون لعمليات قتل وحشية، لم تقتصر الفظائع على القتل المروع، بل شملت اغتصاب النساء وانتهاك الحرمات، بالإضافة إلى حصار المدينة وتجويع سكانها.

إن السلاح يمثل حقًا شرعيًا للدول والشعوب المستضعفة، لولا السلاح لما تمكنت مصر من استعادة سيناء من أيدي الصهاينة، الجزائر التي قدمت نحو مليون شهيد في سبيل تحرير أرضها من الاستعمار الفرنسي، لم تكن لتتمكن من استرداد حريتها إلا من خلال السلاح، ليبيا 
لم تتحرر من الاستعمار الإيطالي إلا بالسلاح، فالحرية لا تُنال إلا عبر النضال والكفاح المسلح.

استنادًا إلى هذه التجارب وغيرها، يمكن القول إن حماس، كحركة مقاومة، لن تتنازل عن سلاحها، قد تكون هناك احتمالات لقبولها بتقليل حجم ترسانتها من الأسلحة الثقيلة، وربما الاكتفاء بالأسلحة الخفيفة، لكن من الواضح أنه من غير الممكن أن تقبل بنزع كامل وشامل لأسلحتها.
إن حماس لن تتخلى عن سلاحها، لأن لديها قناعة راسخة بأن الصهيوني لا يُضمن عهده، وأن الأمريكي لا يلتزم بوعده، وقد أظهرت المعطيات على الأرض صحة هذه القناعة، حيث ارتكب جيش الاحتلال منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ وحتى هذه اللحظة، ما يزيد عن 80 خرقًا موثقًا، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير بنى تحتية حيوية، مما يُعد انتهاكًا صارخًا وواضحًا لقرار وقف الحرب ولمبادئ القانون الدولي الإنساني.
إن عدم التزام الكيان الإسرائيلي بالاتفاقيات الدولية هو سلوك متأصل في تاريخ نشأته، فقد أقرت الأمم المتحدة، بعد إعلان تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، بحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته المستقلة، كما اعترفت أيضًا بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومع ذلك، فإن الكيان الإسرائيلي لم يلتزم بتلك القرارات، على الرغم من أنها ملزمة قانونيًا، مما يدل بوضوح على عدم استعداده للامتثال للقانون الدولي منذ البداية.
تدرك حماس، بوضوح أن التنازل عن السلاح سيؤدي إلى مفاسد عظيمة، منها تهجير الفلسطينيين واستباحة الأرض والعرض لذا، فإن امتلاك القوة بكل أشكالها يُعتبر السبيل لمنع العدوان، والحيلولة دون توسع الاحتلال.
إن إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على المقاومة، لأن حماس ليست مجرد حركة مسلحة، بل هي تعبير عن إرادة شعب يسعى للحرية ورفض الاحتلال، ولعل الخروج المنظم لمقاتلي حماس من الأنفاق، عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق، حاملين أسلحتهم الكاملة، وسيطرتهم على مجريات الأمور في غزة، وضبط الأمن والنظام، يعكس قوتها وتماسكها الداخلي، ويعبّر بصورة جلية عن حقيقة أن الحركة سوف تبقى جزءًا لا يتجزأ من النسيج الفلسطيني، وأن إخراجها من المعادلة السياسية قد يكون أكثر تعقيدًا مما تتصور الحكومة الإسرائيلية.
وفي سياق هذا الواقع، أشار قيادي بارز في حركة حماس، إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمن نزع سلاح المقاومة، متحدثًا عن أن موضوع تسليم السلاح يظل غير وارد خارج نطاق النقاش، فهي ليست قضية تخص حماس وحدها، بل هي مسألة وطنية لاسيما وأن هناك أسلحة بحوزة فصائل مقاومة أخرى.

سيناريوهات محتملة
أعتقد أن السيناريوهات المحتملة الفترة المقبلة، إما أن تقبل إسرائيل بوجود مسلح محدود لحركة حماس في القطاع، من أجل تثبيت الهدنة، خاصة أن ترامب يسعى لتحويل الاتفاق  إلى إنجاز سياسي يُظهر قدرته على تحقيق نجاحات في هذا الملف المعقد، أو أن تُصر إسرائيل على نزع سلاح المقاومة بالكامل، مما يؤدي إلى فشل جهود الهدنة وعودة المواجهات المسلحة بين الجانبين.

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق