Advertisement
على خطٍ موازٍ، يكرّر رئيس مجلس النواب موقفًا حازمًا برفض أي "تمديد تقني"، ولو لثلاثة أيام، ويتصرّف على قاعدة أنّ مواعيد الاستحقاق ثابتة، ولذلك فهو يرفض أي تعديل للقانون اليوم، فيما يؤكّد رئيس الجمهورية تمسّكه بإجراء الانتخابات في موعدها، ولكن أيضًا بحقّ المغتربين في المشاركة. فهل يمكن القول إنّ الأمرين "متعارضان" فعلاً، أم أنّ القانون سيُعدَّل في الوقت المناسب لضمان مساواة اقتراع الداخل و لخارج؟!
مقاربة برّي وحلفائه
وبالإضافة إلى ما سبق، يستند هذا المعسكر إلى قاعدة "احترام المهل"، حيث يعتبر أنّ أي تعديلٍ جوهري يستدعي تحضيرًا لوجستيًا على مستوى لوائح شطب الاغتراب، أو المسجّلين، أو المراكز والقنصليات، أو عمليات نقل الصناديق، والفرز وإسقاط الأصوات على الدوائر، لا يُحبَّذ فتحه قبل أشهر قليلة من بدء العدّ العكسي لموعد الاستحقاق، خصوصًا أنّ الإدارة الانتخابية باشرت فعلاً في التحضير له، وفق ما ينصّ القانون.
حجج المعارضين
في الضفة المقابلة، تبني قوى المعارضة ملفّها على مبدأ بسيط، إذ ما دام اللبناني في الخارج مواطنًا كامل الحقوق والواجبات، فصوته يجب أن يُسقط على كامل الدوائر الـ 15 لا على ستّة مقاعد رمزية. ولذلك جاء الاقتراح المُعجّل المكرّر ليعيد صيغة 2018/2022 باعتبارها الأكثر انسجامًا مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الداخل والخارج. من هنا أيضًا التلويح بالمقاطعة كأداة ضغطٍ دستورية لإرغام رئاسة المجلس على إدراج البند، لكن هل يفعلها المعارضون؟
وتعتبر هذه القوى أنّ اقتصار تصويت المغتربين على المقاعد الستّة فقط، يفرغه من مضمونه ويجعله ضعيف الصلة بالتنافس المحلي داخل الدوائر، وفي المقابل، فإنّ فتح الاقتراع لـ 128 نائبًا يجعل المغترب شريكًا في رسم الخريطة الوطنية، ويُدخل عامل "الوزن الخارجي" في المعادلة، خصوصًا مع ارتفاع نسب التسجيل في بلدان ذات كثافة لبنانية تقليدية، وربما هذا ما يجعل بعض القوى "قلِقة" ممّا يتمّ التخطيط له على الأرض.
عمليًا، تبقى سيناريوهات جلسة الثلاثاء مفتوحة، فمن الممكن أن تفقد الجلسة نصابها إذا ما قرّرت كتل معارضة مقاطعتها، سواء فرديًا أو جماعيًا، وهو ما من شأنه أن يؤدّي إلى تعطيل تشريعي غير منظور، ومن الممكن أن يتمّ إدراج البند في اللحظة الأخيرة، مع تكليف الحكومة بإعداد تقرير بالإمكانيات المتاحة لحسم الشكل النهائي. ويبقى السيناريو الأخير، وهو الذهاب إلى تصويتٍ يُسقط الاقتراح في القاعة، فتنتقل المعركة إلى السياسة والإعلام والشارع الاغترابي.
ما يرجّح أحد السيناريوهات على سواه هو عامل الوقت. فبرّي أعلن صراحةً رفض أي "تمديد تقني"، ما يعني أنّه سيستخدم سلاح المهل لحماية النصّ النافذ. مقابل ذلك، تستند المعارضة إلى "شرعية" المساواة بين الناخبين وإلى تجربة الدورتين الماضيتين عندما اقترع المغتربون للدوائر كاملة. وفي الوسط، يأتي خطاب رئاسة الجمهورية بالتشديد على "انتخاباتٍ في موعدها وحقّ الاغتراب بالمشاركة"، وهو خطابٌ يمكن توظيفه من الطرفين، فأيّهما يربح؟!










0 تعليق