خاص| وائل حامد: مشروع الغاز بين مصر وقبرص يربط احتياطيات 15 تريليون قدم مكعب بشبكة التسييل المصرية

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال وائل حامد، الخبير المتخصص في أسواق الغاز، إن منطقة شرق المتوسط تشهد حاليًا واحدة من أبرز التحولات في خريطة الطاقة العالمية، حيث تتجه الأنظار إلى شراكة استراتيجية جديدة بين مصر وقبرص تهدف إلى بناء جسر متين للطاقة يقوم على التعاون في مجال الغاز الطبيعي، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يمثل نقلة نوعية في مسار استغلال موارد المنطقة.

تدشين جسر جديد للطاقة في شرق المتوسط عبر الغاز

وأضاف وائل حامد، الخبير المتخصص في أسواق الغاز، لـ تحيا مصر، أن قبرص اقتربت أخيرًا من دخول نادي الدول المنتجة للغاز بعد نحو 15 عامًا من التحديات التي واجهت تطوير أول اكتشافاتها، وهو حقل أفروديت، وذلك بفضل اتفاقياتها الأخيرة مع مصر التي تمتلك بنية تحتية متكاملة لتسييل ونقل الغاز، ما يجعلها شريكًا مثاليًا لتسويق الغاز القبرصي إلى الأسواق العالمية.

من أفروديت إلى كرونوس: رحلة قبرص نحو الإنتاج

وأوضح الخبير أن القصة بدأت في عام 2011 مع اكتشاف حقل أفروديت في البلوك رقم (12) بالمنطقة الاقتصادية القبرصية، باحتياطي يُقدر بنحو 4.5 تريليون قدم مكعب، وهو ما شكّل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من عمليات البحث التي قادتها شركات عالمية كبرى مثل “إيني” و“توتال إنرجيز” و“إكسون موبيل”.
وأشار إلى أن الاكتشافات توالت لاحقًا لتشمل حقول كاليبسو عام 2018، وجلاكوس عام 2019، ثم كرونوس وزيوس عام 2022، بإجمالي احتياطي يتجاوز 15 تريليون قدم مكعب من الغاز.

وأكد أن قبرص ظلت رغم هذه الاكتشافات غير قادرة على تطوير مشاريعها بسبب الخلافات الفنية والتجارية بين الشركاء، بالإضافة إلى افتقارها للبنية التحتية اللازمة لمعالجة وتصدير الغاز، وهو ما جعل خيار التعاون مع مصر هو الحل الأنسب والأكثر واقعية.

الربط مع مصر: خطوة استراتيجية للطرفين

وبيّن حامد أن التوجه القبرصي نحو التعاون مع مصر جاء نتيجة طبيعية لما تمتلكه القاهرة من بنية تحتية متقدمة تشمل خطوط أنابيب ومحطتي إسالة في إدكو ودمياط، فضلًا عن سجلها الموثوق في إدارة شراكات الطاقة مع الشركات العالمية، وهو ما جعلها مركزًا إقليميًا لتجارة وتسييل الغاز في شرق المتوسط.

وأشار إلى أن اتفاق البلدين الموقع في عام 2018 لإنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز من حقل أفروديت إلى مصر، مثّل حجر الأساس لهذا التعاون، الذي تعزز في أكتوبر 2025 بتوقيع اتفاقيتين جديدتين لتطوير ونقل غاز حقل كرونوس ومعالجته في مصر قبل إعادة تصديره إلى الأسواق العالمية.

وأوضح أن الاتفاق يتضمن بدء ضخ الغاز القبرصي بمعدل 400 مليون قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2027، على أن يدخل حقل أفروديت مرحلة الإنتاج في وقت لاحق.

مكاسب متبادلة واستراتيجية طويلة الأمد

وقال حامد إن التعاون بين البلدين يحقق مكاسب مزدوجة، فبالنسبة لقبرص، يختصر هذا الربط سنوات من الإنفاق على إنشاء بنية تحتية جديدة، ويوفر لها منفذًا آمنًا لتصدير الغاز، مما يسرع دخولها سوق الطاقة العالمي.

أما مصر، فستستفيد من زيادة كميات الغاز المتدفقة إلى منشآت الإسالة، ما يعزز استدامة التشغيل ويحقق عوائد مالية من خدمات النقل والمعالجة، ويؤكد مكانتها كمركز إقليمي لتسييل الغاز وتجارته في المنطقة.
كما يسهم المشروع في تنويع مصادر الإمداد ويقوي دور مصر كمورد موثوق للطاقة للأسواق الأوروبية، التي تسعى لتقليص اعتمادها على الغاز الروسي بحلول عام 2027.

آفاق التعاون الإقليمي

وأشار وائل حامد إلى أن الشراكة بين مصر وقبرص تتجاوز البعد الاقتصادي لتشكل نموذجًا ناجحًا للتكامل الإقليمي في مجال الطاقة، مع إمكانية توسيع التعاون ليشمل مجالات أخرى مثل الربط الكهربائي، والهيدروجين الأخضر، والطاقة المتجددة.

وأكد أن نجاح تطوير حقلي “أفروديت” و“كرونوس” سيعزز فرص إقامة تعاون ثلاثي بين مصر وقبرص واليونان لتأسيس محور طاقة متكامل في شرق المتوسط، يعيد رسم خريطة تدفقات الغاز في المنطقة.

واختتم الخبير وائل حامد تصريحه قائلًا إن مشروع الربط بين مصر وقبرص يتجاوز حدود التجارة إلى بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد، تعزز مكانة شرق المتوسط كمحور رئيسي لأمن الطاقة العالمي، وترسخ دور مصر كجسر يربط بين موارد المنطقة والأسواق الأوروبية والعالمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق