قال أمجد النجار مدير عام نادي الأسير الفلسطيني، إن دولة الاحتلال متهمة منذ عقود بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إلا أن من أبشع هذه الانتهاكات هي سرقة أعضاء جثامين الشهداء الفلسطينيين، وهي قضية تعود إلى الواجهة مع كل عدوان إسرائيلي جديد، وخصوصًا في ظل العدوان الأخير على قطاع غزة، حيث ظهرت مؤشرات واضحة على العبث بأجساد الشهداء وتسليم جثامين ناقصة الأعضاء.
وأوضح النجار في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هذه الاتهامات ليست جديدة، فقد اعترف الطبيب الإسرائيلي "يهودا هيس"، المدير السابق لمعهد الطب الشرعي في "أبو كبير"، في مقابلة نُشرت عام 2009 مع صحيفة "هآرتس" العبرية، بأن المعهد قام بأخذ قرنيات وقلوب وأعضاء أخرى من جثث الفلسطينيين دون إذن من ذويهم، وذلك خلال فترة التسعينيات.
وفي نفس العام، نشرت صحيفة "أفتونبلادت" السويدية تقريرًا مفصلًا عن سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، ما أثار حينها ضجة دولية، وأعاد تسليط الضوء على ممارسات الاحتلال المخالفة للقانون الدولي والأخلاقيات الطبية.
الأحداث الأخيرة في غزة: أدلة جديدة على استمرار الجريمة
وأضاف النجار أنه مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن، وردت شهادات وتقارير طبية من داخل غزة ومن مصادر حقوقية، تؤكد أن بعض جثامين الشهداء التي أعيدت من قبل قوات الاحتلال كانت من دون أعضاء، خاصة القلب، الكلى، والقرنيّات.
ووفقًا لتقارير وزارة الصحة في غزة، فقد تم تسلُّم جثامين بها علامات خياطة واضحة تدل على فتح الصدر والبطن والرأس، دون وجود مبرر طبي لذلك، في ظل غياب أي عمليات إنقاذ أو تدخل طبي سابق.
قانونيًا: خرق صارخ لاتفاقيات جنيف
وأكد النجار أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر المساس بجثث الموتى في النزاعات المسلحة، وتؤكد على احترام حرمة الموتى وإعادتهم إلى ذويهم دون تشويه أو انتقاص من كرامتهم الإنسانية.
وشدد النجار على أن هذه السرقات تُعد جريمة ضد الإنسانية بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وقد طالبت عدة منظمات حقوقية بفتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الممارسات.
وتابع النجار: "رغم تكرار الأدلة والشهادات، فإن المجتمع الدولي، بما في ذلك المؤسسات الأممية، لم يتخذ موقفًا حازمًا ضد هذه الجريمة، ما يفتح الباب أمام استمرار الاحتلال في ارتكاب هذه الانتهاكات دون رادع".
وأضاف أن منظمات حقوقية فلسطينية ودولية، بينها مركز الميزان لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش، تطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية، والوصول لمعهد "أبو كبير" لفحص سجلات تشريح الجثث وتوثيق الحالات.
واختتم “النجار” قائلا إن سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين ليست مجرد قضية طبية أوإنسانية، بل جريمة ممنهجة تمارسها دولة الاحتلال ضمن سياسة انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان، وتستوجب هذه الجريمة تحركًا قانونيًا ودوليًا عاجلًا، ليس فقط لوقفها، بل أيضًا لمحاسبة المسؤولين عنها وضمان العدالة لضحاياها وذويهم.
0 تعليق