قال المهندس محمد عبدالخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية وعضو المجلس الأعلى للصوفية، أن هناك توضيح مهم لبعض المفاهيم الخاصة بالتصوف، حيث أن هذه المفاهيم يختلط فيها الفهم عند الكثيرين، خاصة من غير المتخصصين أو حتى بعض المنتسبين للفكر الإسلامي، وهي الفرق بين التصوف، والصوفي، والمتصوف.
التصوف.. لبّ الإسلام وأخلاق النبوة
يرى "الشبراوي" أن التصوف ليس طقوسًا شكلية أو ممارسات خارجة عن روح الإسلام، بل هو الجوهر الأخلاقي العميق للدين، إذ يقوم على مكارم الأخلاق التي جاء بها النبي ﷺ، مصداقًا لقوله: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ويضيف أن التصوف هو منهج أخلاقي في التعامل مع الله والرسول والناس، وقد تجسد هذا المنهج في شخصية النبي ﷺ، فكان "تصوفًا يمشي على الأرض"، كما كان "قرآنًا يمشي".
الصوفي.. هو من سار على درب النور
أما الصوفي، كما يوضّح الشيخ الشبراوي، فهو من اقتفى أثر النبي ﷺ في الأخلاق والسلوك، ملتزمًا بالقرآن الكريم والسنة النبوية، داعيًا إلى الله على بصيرة، كما جاء في قوله تعالى: “قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي”.
ويُطلق على هذا النموذج أيضًا "الولي"، وقد يُجري الله على يديه بعض الكرامات أو خوارق العادات، ليست للتحدي أو الإثبات كما في النبوة، وإنما دلالة على مقامه الرفيع في طريق الله، وتثبيتًا للقلوب.
المتصوف.. طالب السير إلى الله
المتصوف كما بيّن الشيخ هو السائر في طريق التصوف، الراغب في تخلية نفسه من الصفات الذميمة، وتحليتها بالأخلاق الفاضلة، متتبعًا منهج الصوفي، طامحًا إلى الوصول لما وصل إليه من قرب ومعرفة وسلوك.
مظاهر التصوف بين الأصالة والدخيل
ويشير "الشبراوي" إلى أن بعض مظاهر التصوف مثل حلقات الذكر، وإقامة موائد الطعام، والمديح النبوي – هي وسائل لجذب العامة وتعليمهم وتذكيرهم، وهي ممارسات أصيلة، لكن بالمقابل، هناك ممارسات دخيلة لا تمت للتصوف بصلة، مثل بعض الألعاب أو الأساليب التجارية التي يُدخلها البعض باسم التصوف، وهي مرفوضة من قبل أهل التصوف الحقيقيين.
الرد على المعترضين.. توضيح لا جدال
وفي رده على المنتقدين، يفرّق "الشبراوي" بين من يعترض على المنهج الصوفي نفسه، وبين من يعترض على شخص الصوفي، فمن يعترض على التصوف، فقد اعترض على سلوك محمدي أصيل، وربما يكون جهله سببًا، فيقول: "لم يصلني أن النبي فعل ذلك"، بينما قد يكون ما لم يصله قد وصل لغيره، أما من يطعن في الصوفي، فقد وقع في عرض أخيه المسلم، وهو مما نهى عنه الإسلام.
وفيما يتعلق بالاستغاثة بالأولياء، أكد الشبراوي أن ذلك لا يُنكر فضل الله على عباده، مستشهدًا بالحديث القدسي: "ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه"، في إشارة إلى مقام الولاية ومكانة أولياء الله عند ربهم.
ودعا المهندس محمد عبدالخالق الشبراوي إلى الفهم العميق والمتجرد للتصوف، بعيدًا عن الصور النمطية أو التشويش الفكري. فالتصوف، كما يراه، هو تجديد للإيمان، وتطهير للنفس، وسلوك على درب النبي ﷺ في محبة الله والناس.
0 تعليق