من «العفيجى» إلى دكة بيراميدز.. كيف انتهت أسطورة رمضان صبحى؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

١٣ دقيقة فقط هى إجمالى عدد الدقائق التى لعبها رمضان صبحى منذ بداية الموسم الحالى مع بيراميدز. رقم لا يليق باسم كان أحد رموز الموهبة فى الكرة المصرية، ومن أبرز الوجوه التى رأى الجمهور أنها ستكون امتدادًا لجيل «صلاح» و«تريزيجيه» و«الننى» فى أوروبا.

لكن ما بين الحلم والواقع ضاعت الخطوات، وما بين الطموح والقرارات تلاشت الموهبة تدريجيًا، حتى أصبحت الركبة التى كانت سر تفوقه رمزًا لمعاناته الحالية، وإصابة تهدد مسيرته، وسط أنباء متكررة عن إمكانية تحوّلها إلى إصابة مزمنة.

مع غيابه عن التفوق الكبير لفريقه «بيراميدز» فى الفترة الأخيرة، والأنباء المتداولة حول رغبة الكرواتى كرونسلاف يورتشيتش، المدير الفنى للفريق السماوى، فى رحيله، تحاول «الدستور»، فى السطور التالية، الإجابة عن سؤال: كيف انتهت أسطورة «العفيجى» رمضان صبحى؟

فشل الاحتراف بسبب صعوبة التكيف مع البيئة والانضباط التكتيكى

منذ بدايته فى ناشئى الأهلى، خطف رمضان صبحى الأنظار بموهبته الاستثنائية وثقته الكبيرة داخل الملعب، حتى لقّبته الجماهير بـ«العفيجى»، فهو لم يكن مجرد جناح مهارى، بل لاعب يملك شخصية القائد منذ صغره، يتحمل المسئولية ويقود زملاءه.

يقول أحمد محسن، ظهير الإسماعيلى السابق: «رمضان صبحى كان لاعبًا مرعبًا داخل المستطيل الأخضر مع الأهلى، كان الجميع يعلم أنه سيمر من أى لاعب بأى طريقة، لكن منذ انتقاله إلى بيراميدز لم يعد كما كان، فقد واجهته مرة أخرى، ولم يعد اللاعب الذى بإمكانه المرور من أى منافس، ولا اللاعب الذى يهابه الجميع».

فى ٢٠١٦، حقق رمضان صبحى حلمه بالاحتراف الأوروبى من بوابة «ستوك سيتى» الإنجليزى، فى صفقة كانت تمثل فخرًا للكرة المصرية آنذاك، واعتقد الجميع وقتها أنه سيكمل مسيرة محمد صلاح فى إنجلترا، لكن الواقع كان مختلفًا.

الاختلاف فى البيئة، قلة المشاركة، وعدم استيعابه السريع طبيعة اللعب الإنجليزى القائم على السرعة والانضباط التكتيكى، كل ذلك جعل التجربة الأولى قصيرة ومتواضعة، ثم جاء انتقاله إلى «هدرسفيلد تاون» ليزيد المعاناة؛ لم يلعب كثيرًا، ولم يثبت نفسه، فبدأت الثقة تتراجع والمستقبل يبدو غامضًا.

قرار العودة إلى الأهلى فى ٢٠١٨ بدا منطقيًا لإنقاذ المسيرة، ووقتها كان لا يزال فى الـ٢١ من عمره، وأمامه الكثير ليقدمه، ونظر كثيرون إلى هذه العودة باعتبارها عودة للبطل المنتظر.

فى موسمه الأول، استعاد بريقه تدريجيًا، ثم أصبح أحد أهم عناصر الأهلى تحت قيادة السويسرى رينيه فايلر. كان اللاعب الأكثر تأثيرًا فى الثلث الهجومى، وصاحب الشخصية القيادية داخل غرفة الملابس، الجماهير أحبته من جديد، والإدارة رأت فيه قائد الجيل القادم، بعد اعتزال نجوم مثل حسام عاشور ووائل جمعة.

«رمضان» امتلك كل مقومات القائد: القوة، الثقة، الحماس، والقدرة على تحفيز زملائه، لذا توقع له الجميع أن يصبح قائد الأهلى والمنتخب فى المستقبل القريب، لكن القدر كان يخبئ له منعطفًا مختلفًا تمامًا، بدأ صيف عام ٢٠٢٠، حين اتخذ القرار الذى غيّر مسار حياته الكروية.

التراجع بدأ بـ«طموح الدولارات».. وإصابة الركبة قد تكتب النهاية 

فى لحظة لم يتوقعها أحد، أعلن رمضان صبحى رحيله عن الأهلى، بعد انتهاء إعارته من هدرسفيلد، مفضلًا عرض بيراميدز بدعوى «الطموح».

وفى مؤتمر صحفى، برر اللاعب قراره بأنه «يبحث عن تحدٍ جديد وطموح مختلف»، لكن أغلب المتابعين كانوا متيقنين من أن القرار يحمل أبعادًا مالية أكثر من الرياضية.

هنا جاءت الجملة التى ستظل تُذكر كلما ذُكر اسم رمضان صبحى: «أنا مش زعلان منه.. أنا زعلان عليه»، تلك التى قالها محمود الخطيب، رئيس نادى الأهلى٪

انضم رمضان صبحى إلى بيراميدز ليكون القائد والنجم الأول للفريق، لكن ما حدث هو العكس تمامًا. فى المواسم الأولى قدم بعض اللمحات، وسجل أهدافًا مؤثرة، لكنه لم يستطع أن يصبح «القائد الملهم» كما كان متوقعًا، تكررت إصاباته، وتراجع مردوده البدنى، حتى فقد جزءًا من بريقه الفنى.

وخلال فترة قصيرة، وجد نفسه خارج حسابات المدربين المتعاقبين. ومع وصول الكرواتى كرونسلاف يورتشيتش، أصبح «العفيجى» الخيار الثالث فى مركز الجناح، خلف لاعبين أكثر جاهزية وتأثيرًا فى منظومة الفريق.

الأزمة البدنية الحقيقية لـ«رمضان صبحى» بدأت فى نهاية الموسم الماضى، حين تعرّض إلى إصابة قوية فى الركبة. العودة كانت بطيئة ومتقطعة، وكلما حاول العودة تتجدد الآلام. التقارير الطبية كشفت عن أن اللاعب يعانى من إصابة معقدة تتطلب فترات راحة طويلة، وسط مخاوف من أن تتحول إلى إصابة مزمنة.

الإصابة لم تؤثر فقط على الجانب البدنى، بل على الجانب النفسى أيضًا، فـ«العفيجى» أصبح أكثر تحفظًا فى التحامات الكرة، وفقد جزءًا من ثقته القديمة التى كانت أهم أسلحته، وابتعد تدريجيًا عن الصورة الإعلامية والمنتخب الوطنى، حتى المدرب الكرواتى «يورتشيتش»، المعروف بعدم المجاملة، بات يعتمد على عناصر أكثر جاهزية، ليصبح رمضان «البديل الثالث» فى أفضل فترات الفريق.

هل يمكن أن يعود؟

العودة ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى أكثر من علاج طبيعى. يحتاج اللاعب إلى «إعادة بناء ذهنى»، ليدرك أن الموهبة وحدها لا تصنع المجد، وأن الثقة الزائدة يمكن أن تتحول إلى غرور يقتل الطموح.

ربما لو استعاد جزءًا من روح الأهلى التى صنعته، وعاد للتفكير فى كرة القدم فقط بعيدًا عن الجدل، يمكن أن ينهض من جديد، حتى ولو على مستوى مختلف.

التاريخ ملىء بنجوم سقطوا ثم عادوا، لكن الفارق أن من عادوا امتلكوا الشجاعة لمحاسبة أنفسهم قبل اتهام الآخرين.

رمضان صبحى لا يزال فى الـ٢٨ من عمره، وما زال أمامه وقت إذا أراد، لكن إن استمر الوضع كما هو: إصابات متكررة، غياب عن المشاركة، وضعف تأثير، ستبقى نبوءة «الخطيب» الخاتمة المنطقية لقصة لاعب خذل موهبته، قبل أن تخذله الركبة.

فى النهاية، قصة رمضان صبحى ليست فقط عن نجم خفت بريقه، بل عن دروس فى الاختيار، والتواضع أمام موهبة كان يمكن أن تصنع أسطورة جديدة فى الكرة المصرية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق