كان لسرقة متحف اللوفر بباريس ردود فعل واسعة بدأت بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وامتدت للعديد من المؤسسات الفرنسية.
ففي أول تعليق رسمي بعد عملية السطو الجريئة التي استهدفت متحف اللوفر في باريس، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحادث بأنه "اعتداء على تراث نعتز به لأنه جزء من تاريخنا"
وقال ماكرون في منشور عبر منصة "إكس" مساء الأحد:
"سنستعيد الأعمال الفنية، وسيُقدَّم الجناة للعدالة. نبذل قصارى جهدنا في كل مكان لتحقيق ذلك، بقيادة مكتب المدعي العام في باريس."
وأضاف الرئيس الفرنسي أن مشروع "نهضة اللوفر الجديدة"، الذي أطلق في يناير الماضي، يتضمن إجراءات أمنية مشددة لضمان حماية الإرث الثقافي الفرنسي، مشدداً على أن هذا المشروع يهدف إلى "الحفاظ على ما يشكل ذاكرتنا وثقافتنا وحمايتها من أي تهديد".
وزارة الثقافة الفرنسية: "8 حلي لا تقدر بثمن"
أعلنت وزارة الثقافة الفرنسية أن اللصوص تمكنوا من سرقة 8 قطع حلي نادرة من قاعة أبولون داخل المتحف، ووصفتها بأنها "لا تقدر بثمن على الصعيد التراثي".
وأوضحت الوزارة أن اللصوص أسقطوا قطعة تاسعة هي تاج الإمبراطورة أوجيني، زوجة الإمبراطور نابليون الثالث، أثناء فرارهم، ويتم حالياً فحص حالتها الفنية.
وأكدت الوزارة أن العملية استهدفت واجهتين تحظيان بحماية عالية داخل القاعة، مشيرة إلى أن أجهزة الإنذار انطلقت بالتزامن مع محاولة السرقة، ما جعل العملية توصف بـ"السريعة والمفاجئة".
تدخل سريع من موظفي المتحف
بحسب البيان الرسمي، كان خمسة من موظفي اللوفر في القاعة أثناء تنفيذ العملية، وقد تدخلوا فوراً لإبلاغ السلطات الأمنية، وتأمين خروج الزوار إلى مناطق آمنة.
وأشادت الوزارة بـ"مهنيتهم وسرعة استجابتهم"، مؤكدة أن تدخلهم العاجل أدى إلى فرار اللصوص وترك معداتهم خلفهم.
4 ملثمين على دراجات نارية
من جانبها، أعلنت لور بيكو، المدعية العامة للجمهورية الفرنسية في باريس، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن أربعة أشخاص ملثمين نفذوا العملية، قبل أن يفروا على دراجات نارية في شوارع العاصمة.
وأوضحت بيكو أن التحقيق يقوده مكتب المدعي العام بالتعاون مع وحدات متخصصة في مكافحة جرائم الفن، وأن السلطات "تملك أدلة مادية مهمة جُمعت من موقع الجريمة ومعدات اللصوص التي تُركت في القاعة."
قطع مسروقة من حقبة القرن التاسع عشر
وفقاً لموقع متحف اللوفر الرسمي، فإن الحلي المسروقة تعود جميعها إلى القرن التاسع عشر، وتشمل:
عقد ياقوت ملكي يخص الملكة ماري-إميلي زوجة الملك لويس فيليب الأول، يضم 8 أحجار ياقوت و631 ماسة.
عقد زمرد فاخر من مجموعة ماري لويز، الزوجة الثالثة للإمبراطور نابليون الأول، يتألف من 32 زمردة و1138 ماسة.
تاج الإمبراطورة أوجيني المرصع بما يقارب ألفي ماسة، والذي تم العثور عليه بعد سقوطه أثناء فرار الجناة.
موجة سرقات تطال المتاحف الفرنسية
تأتي هذه الحادثة في سياق سلسلة من عمليات السرقة والسطو التي استهدفت مؤسسات ثقافية فرنسية خلال الأشهر الأخيرة، مما أثار تساؤلات واسعة حول كفاءة أنظمة الحماية والمراقبة في المتاحف.
ودعت نقابة العاملين في قطاع التراث إلى إعادة تقييم شاملة لإجراءات الأمن داخل المتاحف الوطنية، خصوصاً تلك التي تضم مقتنيات فنية ذات قيمة تاريخية عالية.
متحف اللوفر.. درة التراث العالمي
يُعد متحف اللوفر من أشهر المتاحف في العالم وأكثرها استقطاباً للزوار، إذ استقبل عام 2024 نحو 9 ملايين زائر، يشكل الأجانب منهم حوالي 80%.
ويضم اللوفر بين جدرانه أعمالاً خالدة مثل لوحة الموناليزا وتمثال فينوس دي ميلو، إلى جانب كنوز لا تُقدر بثمن من مختلف الحضارات.
وبينما تتواصل التحقيقات لتحديد هوية الجناة واستعادة المسروقات، يبقى الحادث ناقوس خطر يذكّر أوروبا بأهمية حماية تراثها الثقافي من عصابات منظمة تستهدف رموز الحضارة الإنسانية.
فرنسا اليوم تواجه اختباراً حقيقياً بين قدرتها على صون الذاكرة الجماعية وبين التحديات الأمنية المتزايدة التي تطال حتى أكثر مؤسساتها حراسة.
0 تعليق