تعتبر المعابر المحيطة بقطاع غزة ليست مجرد نقاط عبور حدودية، بل تمثل شرايين حياة حقيقية يتحكم فتحها أو إغلاقها في تفاصيل الحياة اليومية لسكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة فبين مريض يسعى للعلاج، وطالب يبحث عن فرصة للدراسة، وتاجر يحاول تمرير بضائعه، تبقى المعابر بوابة الغزيين الوحيدة إلى العالم الخارجي.
وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربًا امتدت لعامين، فإن ملف المعابر عاد إلى الواجهة بوصفه عنصرًا إنسانيًا وسياسيًا بالغ الحساسية، يعكس طبيعة التحكم الإسرائيلي في حياة الفلسطينيين بالقطاع المحاصر، الذي تبلغ مساحته 360 كيلومترًا مربعًا.
سيطرة إسرائيلية غير مباشرة
منذ انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، واصلت سيطرتها غير المباشرة على المعابر البرية والبحرية والجوية، إضافة إلى سجل السكان، وشبكات الاتصالات، والموارد الحيوية. وقد أدت هذه القيود إلى وصف القطاع بأنه "سجن مفتوح" يختبر فيه السكان أبسط حقوق الحركة والتنقل.
يُحيط بالقطاع سبعة معابر رئيسية، تُستخدم بعضها لعبور الأفراد، وأخرى لتدفق البضائع والمساعدات الإنسانية.
المعابر المخصصة لحركة الأفراد
1. معبر رفح (جنوب غزة)
الموقع: على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
السيطرة: فلسطينية بالتنسيق مع الجانب المصري، وهو المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل مباشرة.
الاستخدام: مخصص لعبور الأفراد من غزة إلى الخارج والعكس، ويُعد شريان الاتصال الرئيسي بين القطاع والعالم.
الوضع الحالي:
أُغلق المعبر منذ توغل القوات الإسرائيلية في مدينة رفح في مايو الماضي، رغم أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار نصّت على إعادة فتحه.
إسرائيل أبدت في البداية موافقتها المبدئية لكنها تراجعت لاحقًا، مشروطة بإتمام المرحلة الأولى من الصفقة وتسليم جثامين الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس.
وأعلنت اليوم الخميس أنها ستحدد تاريخ فتح المعبر لاحقًا، مؤكدة أن المساعدات الإنسانية لن تمر عبره، بل من معابر أخرى.
وتزامنًا مع ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي عن استئناف بعثة المراقبة التابعة له في معبر رفح، بعد توقف استمر منذ عام 2007.
2. معبر بيت حانون (إيريز)
الموقع: شمال قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل.
السيطرة: إسرائيلية بالكامل.
الاستخدام: لعبور الأفراد نحو إسرائيل، الضفة الغربية، الأردن، أو الخارج عبر جسر الملك حسين.
يُستخدم للبعثات الدبلوماسية والإعلاميين والتجار وبعض الحالات الإنسانية.
القيود: يتطلب الحصول على تصاريح إسرائيلية خاصة.
الوضع الحالي: مغلق منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023 التي شنتها حركة حماس على بلدات إسرائيلية.
ثانيًا: المعابر المخصصة لنقل البضائع والمساعدات
3. معبر كرم أبو سالم (كيريم شالوم)
الموقع: جنوب شرق رفح عند نقطة التقاء حدود غزة ومصر وإسرائيل.
السيطرة: إسرائيلية بالتنسيق مع مصر.
الاستخدام: المنفذ التشغيلي الوحيد حاليًا لدخول المساعدات الإنسانية والبضائع، بما في ذلك الوقود والمواد الغذائية والطبية.
كما يُستخدم لتصدير المنتجات الزراعية من غزة.
القيود:
يخضع لرقابة أمنية إسرائيلية مشددة.
قدرته التشغيلية أقل من معبر كارني المغلق سابقًا.
4. معبر المنطار (كارني)
الموقع: شمال شرق مدينة غزة.
الاستخدام السابق: كان أكبر وأهم معبر تجاري للقطاع قبل إغلاقه عام 2007، حيث مرّت منه البضائع والمواد الخام والأعلاف.
الوضع الحالي: مغلق منذ سيطرة حركة حماس على غزة.
5. معبر الشجاعية (ناحال عوز)
الموقع: شرق حي الشجاعية.
الاستخدام السابق: تزويد القطاع بالغاز والوقود عبر أنابيب تحت الأرض.
الوضع: مغلق نهائيًا منذ عام 2010.
6. معبر العودة (صوفا)
الموقع: شرق مدينة رفح.
الاستخدام السابق: نقل مواد البناء فقط.
الوضع: مغلق منذ عام 2008 بسبب التعقيدات الأمنية.
7. معبر القرارة (كيسوفيم)
الموقع: بين خان يونس (جنوبًا) ودير البلح (وسط القطاع).
الاستخدام: مخصص للأغراض العسكرية الإسرائيلية، ويُستخدم لتوغلات الجيش داخل القطاع.
تعكس أوضاع المعابر حول غزة طبيعة العلاقة المعقدة بين الجغرافيا والسياسة، إذ تتحول هذه النقاط الصغيرة على الخريطة إلى مفاتيح لحياة سكان بأكملهم. وبين الإغلاق والفتح، تبقى المعابر عنوانًا دائمًا للأزمة الإنسانية الممتدة في القطاع المحاصر.
0 تعليق