قمة شرم الشيخ للسلام، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الأمريكى دونالد ترامب، لم تكن مجرد اجتماع للقادة، بل كانت تتويجًا لجهود وساطة مكثفة، وتجسيدًا للدعم الدولى المطلق لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وفتح مسار حقيقى نحو تسوية سياسية شاملة ومستدامة.
لقد عكس مستوى التمثيل الرفيع للدول العربية والإقليمية والأوروبية والقوى العالمية إجماعًا نادرًا على ضرورة وقف الحرب وإحلال السلام، والبدء فى بناء شرق أوسط خالٍ من الحروب، كما أكدت الرئاسة المصرية.
وكانت السمة الأبرز لقمة شرم الشيخ للسلام هى الإجماع الدولى الواسع الذى لم يقتصر على تأييد مبادرة إنهاء الحرب فى غزة، بل امتد ليؤكد الالتزام بتنفيذ مراحلها المقبلة. وقد شارك فى القمة ما يزيد على ٣٠ من قادة وزعماء وممثلى دول كبرى وإقليمية وهيئات دولية، بما فى ذلك الدول الأوروبية الرئيسية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، ودولتا الوساطة قطر وتركيا.
هذا الحشد السياسى يعكس وضعًا دوليًا يرفض استمرار الحرب والصراع، ويدعم بشكل لا لبس فيه خطة التسوية. وكانت النتيجة الأبرز للقمة التوقيع على «وثيقة شاملة» من قبل الدول الوسيطة الرئيسية، مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، لتأكيد الدعم المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى غزة. هذا التوقيع الجماعى يضفى صبغة إلزامية على الاتفاق ويعكس تضافر جهود القوى الإقليمية والدولية تحت قيادة مصرية أمريكية مشتركة.
وأكد القادة المشاركون الدور المحورى المهم الذى لعبته مصر فى قيادة وتنسيق جهود العمل الإنسانى ورعاية مفاوضات وقف إطلاق النار. كما تمت الإشادة بقيادة الرئيس ترامب لخطة السلام التى مثلت إطارًا للتسوية.
وتركز الدعم الدولى المطلق على ثلاثة محاور رئيسية، تمثل خارطة طريق لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، وهى تثبيت الهدنة وتأمين المراحل المتعلقة بتبادل الأسرى والرهائن، وضمان الانسحاب الإسرائيلى المتفق عليه. وقد تعهد المجتمع الدولى، عبر القمة، بتوفير الآليات اللازمة لخفض التصعيد، ما يجسد رغبة دولية فى إقامة ترتيبات أمنية جديدة تضمن عدم تكرار الحرب.
وشكلت الأزمة الإنسانية فى غزة نقطة محورية، حيث أكد القادة ضرورة توجيه المساعدات الإنسانية بكميات كافية، وإزالة الركام، والاتفاق على خطة عمل دولية لإعادة إعمار القطاع. وقد شدد الرئيس السيسى على أهمية عقد مؤتمر القاهرة للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى نوفمبر، مؤكدًا أن الدعم المالى واللوجستى لإعادة بناء غزة هو التزام دولى مطلق.
ورغم تركيز القمة على إنهاء الحرب، فإنها أكدت أيضًا ضرورة البدء فى التشاور حول سبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة لخطة التسوية، وصولًا إلى أفق سياسى ذى مصداقية لإقامة الدولة الفلسطينية. هذا التأكيد، بمشاركة دولية بهذا الثقل، يمنح زخمًا للحل السياسى المستقبلى ويحول دون الاكتفاء بالترتيبات الأمنية. ولم يكن الدعم الدولى لقمة شرم الشيخ مجرد دعم لمبادرة سلام عابرة، بل كان اعترافًا بأهمية استقرار الشرق الأوسط، وتأكيدًا على الدور المحورى الذى تلعبه مصر.
إن استضافة القمة برئاسة مشتركة، ثم توقيع مصر كطرف وسيط وضامن، يعكسان ثقة دولية فى قدرة القاهرة على قيادة الجهود الدبلوماسية فى الأوقات الأكثر تعقيدًا، وإدارة الأبعاد الإنسانية والأمنية للأزمة.
لقد حملت القمة رسالة واضحة مفادها بأن النزاعات المسلحة يجب أن تنتهى ليحل محلها التعايش السلمى والازدهار الاقتصادى. كما أن الدعم الدولى السخى لخطة إعادة إعمار غزة، والتعهدات بالعمل المشترك لبناء شرق أوسط خالٍ من الحروب، يمهدان لتكوين إطار إقليمى جديد يعتمد على التعاون بدلًا من الصراع. ويمثل استقرار الشرق الأوسط مفتاحًا للاستقرار العالمى. لهذا كان الدعم المطلق لقمة شرم الشيخ نابعًا من إدراك أن التسوية فى غزة ليست مجرد قضية إقليمية، بل خطوة أساسية لتهدئة التوترات فى سائر أنحاء العالم.
0 تعليق