شهد قطاع الغزل والنسيج فى شركات قطاع الأعمال العام تحولًا جذريًا ضمن المشروع القومى الذى تنفذه الدولة لإعادة إحياء واحدة من أقدم الصناعات المصرية وأكثرها ارتباطًا بالاقتصاد الوطنى.
ويستهدف المشروع إحداث نقلة نوعية شاملة فى البنية الصناعية والتكنولوجية، بما يضمن تحويل شركات الغزل والنسيج إلى كيانات إنتاجية حديثة قادرة على المنافسة، محليًا وعالميًا، وتعظيم الاستفادة من القطن المصرى، وبعد خسائر مليارية لصناعة الغزل والنسيج المحلية خلال السنوات الماضية تحولت إلى تحقيق أرباح، ليغزو المنتج المصرى العالم تحت شعار «صنع فى مصر».
وأكد المهندس محمد شيمى، وزير قطاع الأعمال العام، أن الدولة ضخت استثمارات تتجاوز ٥٦ مليار جنيه فى المشروع القومى لتطوير صناعة الغزل والنسيج، ما يجعله أكبر مشروع تطوير يشهده هذا القطاع منذ عقود.
وقال الوزير، لـ«الدستور»، إن حجم الاستثمارات يعكس رؤية الدولة لإعادة بناء الصناعة على أسس حديثة، وتحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد المصرى بدلًا من الاعتماد على تصدير المواد الخام.
وأوضح «شيمى» أن خطة التطوير تستهدف تحديث وتطوير نحو ٦٥ مصنعًا تابعًا لشركات الغزل والنسيج فى قطاع الأعمال العام، موزعة على عدة محافظات، من بينها: الغربية، والبحيرة، ودمياط، والدقهلية، والشرقية، والمنيا، وحلوان، وتعد شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى حجر الزاوية فى هذا المشروع، حيث تم إنشاء مجمع صناعى حديث على مساحة تتجاوز ٥٠٠ ألف متر مربع، يضم عددًا من أكبر مصانع الغزل فى المنطقة.
وأشار وزير قطاع الأعمال العام إلى أن «مصنع غزل ١ يعد من أكبر مصانع الغزل فى العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى نحو ٣٠ ألف طن سنويًا من الغزول الرفيعة، وفق أحدث المعايير العالمية».
وأكد الوزير أن الطاقة الإنتاجية الإجمالية للغزل فى شركات قطاع الأعمال العام سترتفع بعد اكتمال المشروع من نحو ٢٩ ألف طن سنويًا قبل التطوير إلى ما يقرب من ١٨٠ ألف طن سنويًا، ما يمثل زيادة تفوق ستة أضعاف الطاقة السابقة، كما سيرتفع إنتاج الأقمشة من حوالى ٢٥ مليونًا إلى نحو ١٩٨ مليون متر سنويًا، بينما يقفز إنتاج الملابس الجاهزة من أقل من ٨ ملايين إلى ما يقرب من ٤٠ مليون قطعة سنويًا.
وفيما يتعلق بالقطن المصرى، شدد «شيمى» على أن المشروع القومى يهدف إلى تعظيم القيمة المضافة للقطن طويل التيلة، بدلًا من تصديره خامًا، موضحًا أن الدولة تستهدف تصنيع ما لا يقل عن ٧٠٪ من إنتاج القطن محليًا داخل المصانع المطورة، ما يسهم فى زيادة العائد الاقتصادى عدة مرات، ويدعم بناء علامة تجارية مصرية قوية فى مجال الغزل والنسيج.
وأشار إلى أن خطة التطوير تضمنت إدخال أحدث خطوط الإنتاج والماكينات العالمية من دول مثل ألمانيا وإيطاليا وسويسرا، مع الاعتماد على نظم تشغيل رقمية متطورة، تسهم فى خفض استهلاك الطاقة والمياه بنسب تتراوح بين ٢٠٪ و٣٠٪ مقارنة بالمصانع القديمة، إلى جانب رفع جودة المنتج النهائى وتقليل الفاقد. وأكد «شيمى» أن المشروع القومى شمل أيضًا إعادة هيكلة الشركات التابعة، وتحقيق الاستخدام الأمثل للأصول، بما يسهم فى تحسين المؤشرات المالية وتعزيز الاستدامة الاقتصادية. وأضاف أن «الهدف النهائى هو الوصول إلى شركات قوية وقادرة على المنافسة، وتحقيق عائد مناسب على الاستثمارات الضخمة التى تم ضخها فى هذا القطاع». وأوضح الوزير أن الدولة منفتحة على الشراكة مع القطاع الخاص فى إدارة وتشغيل وتسويق منتجات مصانع الغزل والنسيج، مؤكدًا أن هذه الشراكات تمثل عنصرًا مهمًا فى تعظيم الاستفادة من المصانع المطورة.
وأضاف أن الحكومة تستهدف جذب استثمارات محلية وأجنبية جديدة تتجاوز ٣ مليارات دولار فى مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة خلال السنوات المقبلة.
وأشار إلى أن الصادرات تمثل محورًا رئيسيًا فى خطة التطوير، حيث تستهدف الدولة مضاعفة صادرات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، التى تتراوح بين ٣.٥ و٤ مليارات دولار سنويًا، مع التركيز على زيادة نسبة المنتجات النهائية ذات القيمة المضافة المرتفعة، وتحسين القدرة التنافسية للمنتج المصرى فى الأسواق الخارجية.
وأضاف أن الوزارة تتابع بشكل دورى معدلات التشغيل والإنتاج فى المصانع المطورة، لضمان الوصول إلى الطاقات المستهدفة وفق الجداول الزمنية المحددة، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد دخول المزيد من المصانع إلى التشغيل الكامل، بما يعزز من قدرات القطاع الإنتاجية والتصديرية. وأكد وزير قطاع الأعمال العام أن مشروع تطوير مصانع الغزل والنسيج فى شركات قطاع الأعمال العام يمثل نموذجًا عمليًا لإعادة بناء الصناعة الوطنية على أسس اقتصادية حديثة، قائلًا: «إن الأرقام التى تحققت حتى الآن تؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها التاريخية فى صناعة الغزل والنسيج، وتحويل هذا القطاع إلى أحد محركات النمو الصناعى والتصديرى خلال السنوات المقبلة».













0 تعليق