مصر وبارزانى.. الجد والحفيد

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فى طريق عودته إلى العراق، من منفاه بالاتحاد السوفيتى السابق، زار الزعيم الكردى مصطفى بارزانى القاهرة، فى ٥ أكتوبر ١٩٥٨ واستقبله الرئيس جمال عبدالناصر، ليكون أول رئيس عربى يستقبل زعيمًا كرديًا، ولتكون مصر، لاحقًا، أول دولة عربية تنشئ قنصلية لها فى أربيل، بعد أن أتاحت دولة ٢٣ يوليو للأكراد، سنة ١٩٥٧، أن يخاطبوا المنطقة والعالم، عبر محطة إذاعية كردية بالقاهرة.

الأساس، الذى وضعته دولة ٢٣ يوليو، بنت عليه دولة ٣٠ يونيو، وفى مثل هذا الشهر، منذ ست سنوات، تحديدًا فى ١٧ ديسمبر ٢٠١٩، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال منتدى شباب العالم، بمدينة شرم الشيخ، ضرورة احترام حقوق الأكراد الوطنية والدستورية، وشدّد على عدم إمكانية المساس بهويتهم، لافتًا إلى أن «اللغة الكردية والعادات والتقاليد موجودة وحاتفضل كده»، وأن «الإجراءات اللى حصلت فى السنين اللى فاتت كانت كفيلة بالتغيير أو الطمس، وده ما حصلش». والمعنى نفسه، أكده الرئيس، ضمنيًا، خلال استقباله، مسرور بارزانى، رئيس حكومة كردستان- العراق، أمس الأول الأحد، بحضور اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة، ووزير داخلية ورئيس مخابرات إقليم كردستان العراق.

مؤكدًا دعم مصر الكامل، والمستمر، للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه، ومساندته فى مواجهة التحديات العديدة التى تمر بها المنطقة، خاصة الإرهاب، أشاد الرئيس السيسى بمستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية فى المجال الأمنى، وبجهود الدولة العراقية، وسلطات إقليم كردستان- العراق الرامية إلى إحلال الاستقرار والسلام بالمنطقة. ولدى تناول علاقات التعاون الاقتصادى بين مصر والعراق، بما فى ذلك إقليم كردستان، أكد الرئيس حرص مصر على تعميق التعاون الاقتصادى بكل صوره، مبرزًا القدرات الكبيرة للشركات المصرية، خاصة فى مجالات الطاقة والبنية الأساسية، والخبرات التى تتمتع بها، فى مصر وخارجها، داعيًا حكومة كردستان العراق إلى الاستفادة من قدرات هذه الشركات على تنفيذ المشروعات بجودة عالية وتكلفة تنافسية.

تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، واستعرض الرئيس الرؤية المصرية لسبل استعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة، كما استمع لتقدير رئيس حكومة إقليم كردستان العراق فى هذا الصدد. وهنا قد تكون الإشارة مهمة إلى أن بارزانى الحفيد، لعب دورًا مهمًا فى إيقاف النزاع بين تركيا و«حزب العمال الكردستانى»، الذى بادر زعيمه عبدالله أوجلان، فى فبراير الماضى، بدعوة حزبه إلى إلقاء السلاح واللجوء إلى الحوار لحل مشكلات الأكراد فى تركيا، كما نجح إقليم كردستان العراق، تحت قيادته، فى تقريب وجهات النظر بين أكراد سوريا والوصول إلى صيغة توافقية موحدة، ليتم تبنيها فى المفاوضات مع حكومة دمشق. و... وإجمالًا صار إقليم كردستان العراق، حاليًا، لاعبًا محوريًا فى مكافحة الإرهاب وحل القضايا والمشكلات الخلافية المتعلقة بالأكراد.

مسرور بارزانى، لو لم تكن تعرف، هو نجل مسعود بارزانى، أول رئيس لإقليم كردستان العراق، وحفيد الزعيم التاريخى للأكراد مصطفى بارزانى، الذى أسس «الحزب الديمقراطى الكردستانى»، وقاد مع أخيه الأكبر أحمد بارزانى الحركة الثورية الكردية، التى طالبت بالحقوق القومية للأكراد، ويُحسب له، تاريخيًا، أنه أبدى استعداده، هو ورفاقه، للتطوع فى الجيش المصرى، فى رسالة وجهها للرئيس جمال عبدالناصر، خلال العدوان الثلاثى، سنة ١٩٥٦، وقال، لاحقًا، خلال لقائه بعدد من الصحفيين المصريين، الذين زاروا كردستان، إنه بكى ونزلت الدموع من عينيه دون إرادته، حين تلقى خبر العدوان.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مسرور بارزانى أعرب عن تقدير حكومته لدور مصر والرئيس فى دعم العراق واستعادة السلام والاستقرار بالمنطقة، مؤكدًا أن حكومة إقليم كردستان العراق تتطلع إلى مواصلة تعزيز علاقات التعاون مع المؤسسات المصرية. كما رحّب بدور الشركات المصرية فى العراق، مشددًا على أنه يتطلع، خلال زيارته، إلى العمل مع الجهات المصرية المعنية على بحث سبل تعزيز التعاون والاستفادة من الخبرات المصرية فى عدد من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لحكومة إقليم كردستان العراق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق