مالي بين مطرقة الجماعات الإرهابية وسندان انهيار الإمدادات

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مالي بين مطرقة الجماعات الإرهابية وسندان انهيار الإمدادات

الإثنين 08 ديسمبر 2025

رئيس التحرير

داليا عبدالرحيم

العالم

الإثنين 08/ديسمبر/2025 - 04:37 م
مالي
مالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعيش مالي اليوم إحدى أعقد أزماتها الهيكلية، حيث تتقاطع أزمة الوقود المتفاقمة مع الحصار الذي تفرضه الجماعات المرتبطة بالقاعدة على طرق الإمداد الرئيسية، في مشهد يكشف هشاشة الدولة وعمق اختلالاتها اللوجستية والأمنية، فرغم مؤشرات الانفراج المؤقت الذي شهدته العاصمة باماكو خلال الأسابيع الماضية، عاد التوتر بقوة منذ منتصف الأسبوع الماضي، ليعيد الأزمة إلى واجهتها الحادة، وليطرح أسئلة جوهرية حول قدرة الحكومة الانتقالية على إدارة ملفات الأمن والاقتصاد في الوقت ذاته.
يرى خبراء شؤون الساحل أن جذور الأزمة تعود إلى بداية سبتمبر، حين فرضت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" طوقًا خانقًا على الطرق الحيوية المؤدية إلى العاصمة، ما أدى إلى شلل واسع في الحركة التجارية. 
ويشير هؤلاء إلى أن هشاشة شبكات النقل وتعدد الحواجز المسلحة وتراجع الإنتاج المحلي، جعلت مالي دولة قابلة للضغط عبر استهداف الوقود تحديدًا، الأمر الذي يفسّر الانهيار السريع في توازن الإمدادات بمجرد حدوث أي اضطراب محدود.
وبينما تصرّ السلطات الانتقالية على أن "الوضع إيجابي" وتتحدث عن حملات لنشر "معلومات كاذبة" بهدف إرباك الشارع، تظهر المؤشرات الميدانية صورة مختلفة تمامًا: نقص حاد في الوقود في معظم مناطق الوسط والشمال، تباطؤ في النقل بين المدن، ارتفاع قياسي في الأسعار، وصعوبات يومية في تشغيل المولدات الكهربائية، ما يعطل أنشطة تجارية وصحية حيوية.

انهيار مؤسسي

وتوضح تقارير محلية أن الانفراج السابق لم يكن سوى نتيجة لوصول شحنات مؤقتة، سرعان ما تبخرت آثارها بفعل عودة الهجمات المسلحة وانتشار الحواجز على الطرق المؤدية إلى الموانئ، وهو ما أكده الخبراء الذين يرون الأزمة "مؤشرًا على انهيار مؤسسي" يتجاوز البعد الاقتصادي، ويكشف قدرة الجماعات المسلحة على التحكم في مفاصل الحياة دون الحاجة للسيطرة على مساحات واسعة.
ولا تقتصر الأزمة على تهديد الإمدادات، بل تمتد إلى خلق طبقة اقتصادية موازية تستفيد من السوق السوداء، ما يعقد أي تدخل رسمي لاحق، ويجعل تسوية الأزمة أكثر كلفة وتعقيدًا.
شدد الخبراء على أن الأزمة ليست حدثًا منفصلًا، بل حلقة في سلسلة اضطرابات هيكلية تضرب قطاع الطاقة، فمالى تعتمد بشبه كامل على الاستيراد، وتمتلك شبكة توزيع غير آمنة تمر عبر مناطق سيطرة جماعات متطرفة أو مليشيات محلية، كما أن تراجع الدعم الدولي وخروج القوات الفرنسية زاد من اعتماد البلاد على قدراتها الذاتية المحدودة، ما جعل أي اختناق في الإمدادات يتحول تلقائيًا إلى أزمة وطنية.
وحذر الخبراء من أن الأشهر المقبلة قد تشهد تفاقمًا إضافيًا مع قرب موسم الجفاف، الذي ترتفع خلاله وتيرة الهجمات المسلحة، مؤكدًا أن الحلول الحكومية الحالية لا تعالج جذور المشكلة، بل تكتفي بالتعامل مع مظاهرها السطحية.
مما لا شك فيه أن مالي تبدو اليوم أمام معادلة صعبة دولة تواجه حصارًا اقتصاديًا غير معلن، وضغطًا أمنيًا متصاعدًا، وموارد محدودة، في حين تتسع قدرة الجماعات المسلحة على خنق الطرق الحيوية والتحكم في أسواق الطاقة، وبين تفاؤل رسمي لا يجد له رصيدًا ميدانيًا، وواقع يزداد هشاشة، يلوح في الأفق مستقبل معقد يتطلب حلولًا جذرية تتجاوز المسكنات المؤقتة.
 

 

ads

الاقسام


© 2021 Albawabhnews All Rights Reserved.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق