يجد الإنسان الحديث نفسه غارقًا في محيط لا ينضب من المعلومات، تتسارع فيه الأحداث وتتفاقم الأزمات لتصل إلى شاشته على مدار الساعة، وقد تحولت متابعة الأخبار من ضرورة إلى عبء نفسي، حيث يتسبب التعرض المستمر للسرديات السلبية والكوارث في ظاهرة تعرف باسم "إجهاد التعاطف" أو "التعب الإخباري" (News Fatigue)، مما يؤثر على المزاج العام ويُضعف الإنتاجية ويزيد من مستويات القلق المزمن.
لذا بات من الضروري تبني استراتيجيات واعية لتنقية العقل من السموم الإعلامية، وهو ما يُعرف بـ "ديتوكس الأخبار السلبية"، وهي ممارسة تدعمها توصيات جمعية علم النفس الأمريكية (APA) للحفاظ على الصحة العقلية في عصر التدفق المستمر.
استراتيجية متابعة الأخبار السلبية للحفاظ على صحة العقل
حدد جدولًا زمنيًا ثابتًا للمتابعة
يجب وضع حدود صارمة وغير قابلة للتفاوض لزمن وكيفية استهلاك الأخبار، وتعتبر القراءة العشوائية للأخبار طوال اليوم خاصةً قبل النوم أو فور الاستيقاظ من أكثر العادات تدميرًا للصحة النفسية.
ابدأ بتخصيص نافذتين زمنيتين قصيرتين فقط (مثل 15 دقيقة بعد الغداء و15 دقيقة في المساء) للتحقق من العناوين الرئيسية، والتزم بمغادرة مواقع الأخبار وإغلاق التطبيقات فور انتهاء الوقت المحدد، مما يُساعد العقل على معالجة المعلومات دون الغرق في دوامة التفاصيل.
غير مصادر معلوماتك ونوعيتها
يتعين عليك إجراء تقييم نقدي لمصادر الأخبار التي تعتمد عليها، انتقل من متابعة قنوات التواصل الاجتماعي والصحف الصفراء، التي غالبًا ما تركز على الإثارة السلبية، إلى المصادر الموثوقة والحيادية التي تقدم ملخصات متوازنة.
ركز على قراءة الأخبار المتعلقة بالحلول والتنمية والنجاحات الإنسانية الإيجابية "أخبار الحلول"، بدلاً من التركيز حصريًا على المشكلات، ويُمكن لهذا التغيير النوعي أن يُشجع على الشعور بالأمل ويُقلل من الإحساس بالعجز.
اعتمد استراتيجية "التوقف المؤقت"
يُمكن لممارسة التوقف المؤقت (Pausing) أن تكون أداة قوية ضد التدفق السلبي، لذا خصص يومًا واحدًا في الأسبوع أو عطلة نهاية أسبوع كاملة خالية تمامًا من أي محتوى إخباري أو سياسي، واستثمر هذا الوقت في أنشطة تُغذي الروح وتُعزز الحضور الذهني، مثل ممارسة الرياضة، أو قضاء وقت مع العائلة، أو الانخراط في هوايات إبداعية، حيث يُعد هذا الانفصال الدوري بمثابة إعادة تشغيل للجهاز العصبي، يسمح له بالتعافي من الإثارة المستمرة.
استبدل السلبية بالإجراءات العملية
تعلم تحويل مشاعر القلق الناتجة عن الأخبار إلى عمل إيجابي ومحلي، شارك في مبادرات مجتمعية صغيرة، أو تطوع بوقتك، أو تبرع لقضية تهتم بها، ويُقلل هذا التحول من الشعور بالعجز ويُمكنك من استعادة السيطرة على جزء من الواقع الذي تعيشه، ويُثبت علم النفس أن الانخراط في عمل هادف يُحسن من الصحة العقلية ويُقاوم تأثيرات الإجهاد الإخباري.









0 تعليق