السلم والثعبان - لعب عيال.. هل ينجو الحب من فخ الزواج والروتين؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد قرابة 24 عامًا من فيلم "السلم والثعبان" (2001) الذي شكل واحدة من العلامات الفارقة في السينما الرومانسية المصرية، يعود المخرج طارق العريان بجزء ثان تحت عنوان "السلم والثعبان – لعب عيال"، ليقدم قصة مختلفة تمامًا في أجوائها وظروفها، لكنها تحتفظ بروح الجرأة مع طرح سؤال مهم: هل يستمر الحب بعد الزواج؟ وهل يمكن أن ينجو الشغف من فخ الاعتياد؟

الفيلم يروي قصة أحمد (عمرو يوسف) الشاب الذي عاش حياة مليئة بالمغامرات العاطفية دون أن يقع في الحب، قبل أن تقتحم حياته ملك (أسماء جلال)، فيتحول هذا الإعجاب إلى حب، ثم زواج، ثم طفلين، ثم الملل.

هذا المحور هو قلب الفيلم: الحب بعد عشر سنوات من الزواج، ومرحلة ذبول الشغف، وإغراء الهروب إلى الماضي، بحثًا عن الشعور الذي كان قبل المسؤوليات، حيث يقرر أحمد أن يعود إلى حياة الحرية، الأصدقاء، السهر، التجارب الجديدة، تاركًا خلفه زوجة تحاول الحفاظ على البيت والأسرة، وتستنزف كل طاقتها في محاولة لاستعادة رجل أصبح يرفض الالتزام.

تتطور القصة حين تعود ملك بدورها لتدهش أحمد من جديد، محاولة إعادة الحب إلى صورته الأولى، فيعود إليها ولكن بصيغة مختلفة: لا يتعامل معها كزوجة بل كامرأة يحبها من جديد، هذه الفكرة الذكية في السيناريو تكشف أحد أهم رسائل الفيلم: أن العلاقة لا تموت إلا حين نتوقف عن بذل الجهد لها.

لكن سقوط أحمد في دائرة الملل يتكرر، إلى أن تطلب ملك الطلاق، ويظهر أمير (ظافر العابدين) مجددًا في حياتها، فيمنحها ما افتقدته "الاهتمام والاحترام"، هنا ينتقل الفيلم إلى مستوى صراع حقيقي بين الحب الأول، والفرصة الجديدة.

وفي مشهد مؤثر، يعود أحمد ليعلن أمام الجميع أنه لم يستطع الحياة بدونها، في مشهد يحمل صدى الجزء الأول من الفيلم، الذي انتهى باعتراف مشابه.

وهنا يقدم عمرو يوسف واحدًا من أقوى وأصدق أدواره على الإطلاق، في أداء مليء بالتفاصيل الدقيقة والانفعالات المتناقضة، حيث جسد شخصية مركبة تمر بمراحل متعددة، وهى: مغامر لا يؤمن بالحب، زوج يحاول الالتزام، رجل يهرب من الملل إلى حياة السهر، عاشق يعود لامرأة واحدة رغم كل شيء.

هذا التنقل بين الحالات النفسية لم يكن سهلا، لكنه قدمه بصدق وذكاء، مؤكدًا قدرته على تقديم الرومانسية بعد نجاحه في الأكشن في "ولاد رزق" والإثارة في "درويش".

أما أسماء جلال، فكانت ندًا قويًا، وقدمت "ملك" بكل مراحلها من الانكسار إلى استعادة الذات، دون مبالغة ودون بكائية مفتعلة، وتحولات "ملك" من زوجة مهمومة بالمحافظة على بيتها، إلى امرأة تستعيد ثقتها بنفسها وقدرتها على البدء من جديد، فكانت قوية وغير مفتعلة.

ووسط هذه الجدية العاطفية، هناك خط آخر يلمع، حاتم صلاح الذي سرق ضحكات القاعة في كل ظهور له، بحضور كوميدي ذكي، غير مفتعل، ومبني على توقيت ممتاز، والفيلم كان يحتاج هذه الروح وسط كل هذا التوتر، والعريان كان ذكيًا في توزيع جرعات الكوميديا حتى لا يتحول الفيلم إلى ميلودراما خانقة.

أما ظافر العابدين، وماجد المصري، وسوسن بدر، فكانوا داعمين للقصة دون استعراض زائد، ووجودهم أعطى الفيلم ثقلًا ووجاهة.

اختار طارق العريان طبقة اجتماعية ثرية جدًا، بملابس وأماكن تصوير فخمة، وكأنه يقول: هذا ليس فيلمًا عن الزواج كمشكلة اجتماعية، بل عن الحب كاختيار يومي يحتاج إلى مجهود مهما كانت الطبقة.

السيناريو الذي كتبه أحمد حسني جاء محكما، خاصة في الحوار العاطفي والنفسي، وإن شابه استخدام بعض الألفاظ الخارجة في جلسات الأصدقاء، وهو ما قد يفقد الفيلم جزءًا من جمهوره الأصغر سنًا، كان يجب وضع التصنيف العمري +16 وليس +12 ، حرصًا على التوازن بين الجرأة والمشاهدة الأسرية، كما أن عنوان الفيلم "لعب عيال" لم يخدم الفكرة العميقة للعمل، ربما كان الأنسب "لعب كبار" لأن الفيلم يناقش أزمة ناضجة وليست مراهِقة.

ولعل من أبرز الملاحظات التي تؤخذ على السيناريو والحوار، إهمال دور الأطفال في الصراع الدرامي، وذلك على الرغم من أن وجود طفلين هو أساس الزواج والمشكلة، إلا أنهم كانوا شبه غير موجودين، وكأن القصة تدور حول علاقة عاطفية بين طرفين فقط دون مسؤوليات حقيقية.

"السلم والثعبان – لعب عيال" ليس مجرد فيلم رومانسي، بل إنه فيلم عن الحب بعد أن يتحول إلى عادة، عن الملل الذي يمكن أن يدمر علاقة جميلة، وليس الخيانة، عن الجهد الذي يجب أن يبذله الطرفان لإبقاء الشغف حيًا.

نجح الفيلم في تقديم قصة تمس الواقع النفسي للأزواج، وأداء تمثيلي قوي من عمرو يوسف وأسماء جلال، ورؤية إخراجية أنيقة ومختلفة، وتعثر في: معالجة البعد الأسري للأطفال، والتصنيف العمري غير المناسب، وعنوان لا يعكس قوة المحتوى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق