تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بتطوير إنتاجية محصول القمح باعتباره أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
وفي هذا الإطار، تواصل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تنفيذ خططها لزيادة الإنتاج المحلي من خلال استنباط أصناف جديدة عالية الجودة والإنتاجية، قادرة على التكيف مع الظروف المناخية المختلفة ومقاومة الأمراض الشائعة، وعلى رأسها أصداء القمح وفي هذا السياق، كشف الدكتور خالد جاد، وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية، عن تفاصيل خطة الوزارة للموسم الحالي التي تشمل زراعة سبعة أصناف متميزة من القمح تغطي مختلف مناطق الجمهورية وتناسب طبيعة كل بيئة زراعية.
حيث أكد الدكتور خالد جاد، وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الوزارة تستعد هذا العام لزراعة 7 أصناف من القمح على مستوى الجمهورية، تتميز جميعها بجودة عالية وإنتاجية كبيرة موضحًا أن من بين هذه الأصناف 3 أصناف جديدة تصل إنتاجيتها إلى نحو 30 أردبًا للفدان، خاصة في مناطق مصر العليا ومناطق الاستصلاح الجديدة وأضاف أن تلك الأصناف تم اختيارها بما يتناسب مع طبيعة المناخ والتربة في كل محافظة، فضلًا عن مقاومتها العالية للأمراض، ولا سيما أصداء القمح.
وأشار "جاد" إلى أن هناك أصنافًا معينة تحقق نتائج متميزة في المناطق الصحراوية الجديدة مثل مشروع مستقبل مصر والوادي الجديد وتوشكى، نظرًا لارتفاع درجات الحرارة وطبيعة الأراضي الرملية هناك.
وأوضح أن هذه المناطق تحتاج إلى إدارة متكاملة للمحصول تشمل برامج تغذية وري مناسبة، وأن من أبرز الأصناف التي تجود في تلك المناطق سدس 12 وسدس 11 ومصر 1، بينما يفضل في الأراضي المتأثرة بالأملاح زراعة الأصناف المتحملة للملوحة والحرارة مثل مصر 3 مصر 4 وسدس 14 وسدس 15 وسخا 95.
وأضاف وكيل المعهد أن بعض الأصناف تجود في وجه قبلي ولا تصلح للزراعة في وجه بحري بسبب اختلاف الظروف المناخية، حيث تتعرض الأصناف في الشمال للإصابة بأمراض أصداء القمح التي تؤثر على الإنتاج ومن الأصناف المناسبة لوجه قبلي مصر 1 وسدس 12 من أصناف الخبز، إلى جانب أصناف المكرونة مثل بني سويف 5 وبني سويف 7 وسوهاج 5 وسوهاج 6.
كما أوضح جاد، أن هناك مجموعة من الأصناف التي تصلح للزراعة في جميع المحافظات، ومنها مصر 3 ومصر 4 وسدس 14 وسدس 15 وسخا 95 وسخا 96 وجيزة 171 وبيّن أن الأصناف التي تحمل أسماء المحافظات مثل بني سويف وسوهاج هي عادة أصناف مكرونة، بينما الأصناف التي تبدأ بأسماء المحطات البحثية مثل سخا وجميزة وسندويل تُعد أصناف خبز.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
وفي هذا السياق يقول الدكتور جمال صيام، الخبير الزراعي، إن اتجاه وزارة الزراعة نحو التوسع في زراعة الأصناف الجديدة من القمح يعد خطوة مهمة في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، مؤكدًا أن الأصناف التي أعلن عنها معهد بحوث المحاصيل الحقلية تمتاز بإنتاجية عالية وجودة متميزة، وهو ما يسهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد خلال السنوات المقبلة مضيفًا أن الأصناف الجديدة تتسم بقدرتها على مقاومة الأمراض خاصة أصداء القمح، فضلًا عن تحملها للظروف المناخية الصعبة، مما يجعلها مناسبة للزراعة في مختلف مناطق الجمهورية، سواء في الأراضي القديمة أو في المناطق الصحراوية الجديدة مثل توشكى ومستقبل مصر والوادي الجديد.
وأوضح صيام، أن نجاح خطة الدولة في التوسع بزراعة هذه الأصناف يعتمد على تطبيق الممارسات الزراعية السليمة، خاصة فيما يتعلق بعمليات الري والتسميد ومكافحة الآفات، مشيرًا إلى أن الإدارة الجيدة للمحصول تساهم في تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة من الفدان مؤكدًا أن تعميم هذه الأصناف على نطاق واسع سيعزز من قدرة مصر على مواجهة التغيرات المناخية ويضمن استدامة إنتاج القمح باعتباره محصولًا استراتيجيًا لا غنى عنه في الأمن الغذائي الوطني.
نشر الوعي بين المزارعين
ومن جانبه، قال الدكتور طارق محمود، أستاذ بمركز البحوث الزراعية، إن الأصناف الجديدة التي تم استنباطها تأتي ضمن جهود مركز البحوث الزراعية في تطوير سلالات أكثر تكيفًا مع الظروف البيئية المختلفة وأضاف أن التجارب الحقلية أثبتت أن هذه الأصناف تحقق إنتاجية تصل إلى 30 أردبًا للفدان في بعض المناطق، وهو معدل مرتفع مقارنة بالأصناف التقليدية وأوضح أن من بين أهم هذه الأصناف سدس 12 ومصر 3 وسخا 95، والتي أثبتت كفاءة عالية في المناطق ذات الحرارة المرتفعة والأراضي الرملية.
وأشار محمود، إلى أن المركز يعمل حاليًا على نشر الوعي بين المزارعين حول أهمية اختيار الصنف المناسب لكل منطقة، بناءً على طبيعة التربة والمناخ، مؤكدًا أن التنسيق بين البحث العلمي والإرشاد الزراعي هو الأساس لضمان نجاح منظومة زراعة القمح في مصر مضيفًا أن استمرار الدعم الحكومي للمزارعين وتوفير التقاوي المعتمدة بأسعار مناسبة سيكون له دور كبير في رفع الإنتاج وتحسين جودة المحصول، وبالتالي تقليل فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال السنوات القادمة







0 تعليق