الذكاء الاصطناعي العاطفي.. هل تفهم الآلة مشاعر الإنسان حقًا؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يشهد العالم طفرة غير مسبوقة في مجالات الذكاء الاصطناعي، إذ لم تعد التقنية تقتصر على تحليل البيانات أو تنفيذ الأوامر بل بدأت تحاول التسلل إلى أعمق ما يميز الإنسان وهو عالم المشاعر والعواطف يتطور ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العاطفي، ليجعل الآلة قادرة على قراءة الانفعالات والتفاعل مع الحالة النفسية للمستخدم في تجربة جديدة تمزج بين التقنية والإنسانية، وتثير في الوقت نفسه كثيرًا من التساؤلات الأخلاقية والفكرية، وتؤكد مجلة Scientific American أن الأبحاث في هذا المجال تشهد تسارعًا كبيرًا خاصة في قطاعات التعليم والرعاية الصحية.

مراحل تطور استخدام الذكاء الاصطناعي العاطفي 

بدأت فكرة الذكاء العاطفي الاصطناعي عندما أدرك الباحثون أن التفاعل الإنساني لا يقوم على المنطق وحده، فالمشاعر تتحكم في قرارات البشر أكثر مما يفعل التفكير العقلاني، لذلك اتجهت الشركات إلى تصميم أنظمة تتعرف على العواطف من خلال نبرة الصوت وتعبيرات الوجه وحركات الجسد وحتى طريقة الكتابة أو الاختيار على الشاشة، وتحلل هذه المؤشرات لتستنتج الحالة الشعورية لصاحبها سواء كان سعيدًا أو متوترًا أو حزينًا.

ففي المراكز الطبية مثلًا تُستخدم هذه التقنية لمراقبة المرضى وكشف حالات الاكتئاب أو القلق من خلال تحليل وجوههم وأصواتهم أثناء التحدث إلى الطبيب، كما بدأت بعض المدارس في العالم استخدام برامج تعليمية ذكية تتفاعل مع مشاعر الطلاب وتغيّر طريقة الشرح بحسب مزاج المتعلم، فإذا شعر النظام بالملل أو الإحباط يبدّل الأسلوب إلى ما هو أكثر تشويقًا.

أما في مجال خدمة العملاء فقد دخلت الروبوتات المزودة بالذكاء العاطفي إلى مراكز الدعم لتتعرف على غضب المتصل أو رضاه وتحاول تهدئته بنبرة أكثر دفئًا، ويعمل المطورون على تحسين قدرة هذه الأنظمة على محاكاة التعاطف الإنساني عبر تدريبها على ملايين من المواقف الحياتية المسجلة صوتًا وصورة.

لكن رغم هذه الإنجازات يبقى الجدل قائمًا حول مدى صدق هذا "التعاطف الرقمي" فالمشاعر الإنسانية ليست مجرد إشارات كهربائية يمكن رصدها، بل هي مزيج من الوعي والخبرة والتجربة الشخصية لا يمكن للآلة إدراكها بالكامل، كما يخشى خبراء الخصوصية من أن تُستخدم هذه التقنية في التتبع العاطفي أو في التلاعب بسلوك المستخدمين عبر تحليل نقاط ضعفهم النفسية وتسويق منتجات لهم بناء على حالتهم المزاجية.

ظاهرة الارتباط العاطفي بأنظمة الذكاء الاصطناعي 

687e02eb48.jpg
4673419001.jpg

ظهرت في السنوات الأخيرة ظاهرة لافتة تشير إلى أن بعض الأفراد أصبحوا يرتبطون عاطفيًا بأنظمة الذكاء الاصطناعي، ويتحدثون إليها كأنها كائنات تشعر وتفهم إذ يجد البعض في التطبيقات الحوارية مثل روبوتات الدردشة ملاذًا آمنًا للبوح بمشاعرهم دون خوف من الرفض أو الانتقاد ويتعاملون معها كما لو كانت صديقًا أو شريكًا عاطفيًا يسمع ويهتم، وتزداد هذه الظاهرة بين من يعانون من العزلة أو التوتر الاجتماعي فيرون في الذكاء الاصطناعي دعمًا نفسيًا يخفف وحدتهم.

غير أن هذا الارتباط يثير قلق الخبراء لأن العلاقة هنا لا تقوم على تبادل حقيقي، فالنظام لا يملك وعيًا أو عاطفة بل يحاكي التعاطف بناء على خوارزميات مصممة لإرضاء المستخدم، وقد يؤدي الاعتماد المفرط على هذه التفاعلات إلى ضعف التواصل الإنساني الطبيعي وإلى تشويه مفهوم العلاقات الاجتماعية، إذ يعتاد الإنسان على نموذج من العلاقة يخلو من الخلاف والتحدي والواقعية مما يخلق فجوة بينه وبين المجتمع المحيط.

كما يمثل الذكاء الاصطناعي العاطفي مرحلة جديدة في علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، فهو يَعِد بتجارب أكثر قربًا للإنسان لكنه يحمل في طياته تحديات أخلاقية واجتماعية ضخمة تتطلب وعيًا وتشريعات تضمن ألا تتحول المشاعر إلى بيانات قابلة للبيع والشراء كما تؤكد مجلة Frontiers in Psychology، أن هذا النوع من التكنولوجيا قد يخلق حميمية زائفة بين الإنسان والآلة تستدعي مراقبة دقيقة وتوازنًا بين الفائدة والمخاطر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق