في ظل الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية في قطاع غزة جراء الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، أكد الدكتور أحمد الشناوي، خبير الطاقة الكهربائية الجديدة والمتجددة، أن الاعتماد على الطاقة الشمسية أصبح الحل الوحيد والمؤقت لإنارة القطاع واستعادة الحياة تدريجيًا بعد توقف محطة الكهرباء الوحيدة عن العمل.
دمار شامل في شبكة الكهرباء
قال الشناوي "البوابه نيوز " إن الحرب تسببت في تدمير محطة إنتاج الكهرباء الوحيدة في غزة، نتيجة نقص الوقود اللازم للتشغيل وندرة قطع الغيار، فضلًا عن عجز في كوادر التشغيل والصيانة.
وأضاف أن هذا أدى إلى أن تعيش غزة في ظلام دامس، وهو ما انعكس سلبًا على كل نواحي الحياة، خاصة القطاع الصحي الذي توقفت فيه العديد من المستشفيات عن العمل.
مولدات الديزل لم تصمد أمام نقص الوقود
وأشار إلى أن أهالي غزة لجأوا إلى مولدات الديزل لتسيير حياتهم اليومية، لكنها ارتبطت بتوافر الوقود، ومع شح الإمدادات توقفت هي الأخرى، مما عمّق أزمة الكهرباء في القطاع.
الطاقة الشمسية.. الحل السحري لإنارة غزة
وأوضح الدكتور الشناوي أن الطاقة الشمسية باتت الخيار الاستراتيجي والآمن لإنارة غزة وممارسة الحياة اليومية ، مؤكدًا أن إنشاء محطات شمسية فوق أسطح المنازل والمستشفيات ومحطات المياه والصرف الصحي هو البديل الواقعي حتى عودة المحطة الرئيسية للعمل.
وبيّن أن الطاقة الشمسية نظيفة ومتجددة ولا تصدر عنها أي انبعاثات كربونية، كما أن صيانتها سهلة جدًا ، إذ يكفي تنظيف الألواح بقماش لإزالة الغبار.
مشروعات طاقة شمسية بطاقة إنتاجية كبيرة
وكشف الشناوي أن هناك توجهًا نحو إنشاء محطات طاقة شمسية ضخمة بالميجاوات وربطها بالشبكة الكهربائية، مشيرًا إلى أن توافر أشعة الشمس في غزة لأكثر من 7 ساعات يوميًا يجعلها بيئة مثالية لمشروعات الطاقة الشمسية.
وأضاف أن هذه المشروعات ستُسهم في تقليل الاعتماد على الشبكة المدمرة، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والزراعية والتعليمية، فضلًا عن خفض فاتورة الكهرباء الشهرية وتقليل الاعتماد على الوقود لمحطة التوليد.
غزة.. نموذج للطاقة النظيفة بعد الإعمار
وأكد الشناوى أنه مع بدء عملية الإعمار، ستتحول غزة إلى نموذج يحتذى به في الاعتماد على الطاقة النظيفة، خاصة مع اهتمام الشركات الكبرى بالدخول في مشروعات الطاقة الشمسية، لافتًا إلى أن إصلاح الشبكة ومحطة الإنتاج سيستغرق وقتًا طويلًا، مما يجعل الطاقة الشمسية الحل الوحيد خلال هذه المرحلة.
تحديات لوجستية وتمويلية تواجه التنفيذ
وتحدث الدكتور الشناوي عن أبرز التحديات، موضحًا أن تضرر الطرق وتراكم الأنقاض يعوق نقل وشحن الألواح الشمسية، بجانب نقص الأراضي الفضاء اللازمة لإنشاء محطات كبيرة، وقلة العمالة الماهرة في هذا المجال.
كما أشار إلى أن تكلفة إنشاء المحطات مرتفعة، ما يتطلب توفير دعم وتمويل دولي من الأمم المتحدة والدول الصديقة، مؤكدًا أن إدخال مكونات المحطات عبر المعابر يستغرق وقتًا طويلًا ويعيق سرعة التنفيذ.
مبادرة سعودية لإنارة غزة بالطاقة والمياه
واختتم الدكتور الشناوي تصريحه بالإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية بدأت في أكتوبر 2025 بتركيب أربع محطات طاقة شمسية في محافظتي خان يونس والوسطى، لتشغيل محطات تحلية المياه وتوفير مياه نظيفة لسكان القطاع، معتبرًا هذه المبادرة نقطة انطلاق نحو مستقبل مستدام لغزة.
غزة تشرق من جديد بطاقة الأمل
رغم حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة، فإن التحول نحو الطاقة الشمسية لا يمثل فقط خيارًا تقنيًا لتوليد الكهرباء، بل رمزًا لإصرار الفلسطينيين على الحياة وإعادة البناء.
إن الاستثمار في الطاقة النظيفة خلال مرحلة الإعمار المقبلة سيحوّل غزة إلى نموذج فريد في المنطقة يجمع بين الاستدامة البيئية والاستقلال الطاقي، ليؤكد أن الظلام الذي فرضته الحرب لن يدوم، وأن شمس غزة قادرة على أن تضيء طريقها من جديد نحو المستقبل.




0 تعليق