وقعت جمهورية مصر العربية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، وذلك خلال فعاليات المؤتمر الذي استضافته العاصمة الفيتنامية هانوي، بحضور كبار المسؤولين الدوليين، يتقدمهم لوونج كونج رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، وأنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، والدكتورة غادة والي المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والسفير هاني مصطفى سفير جمهورية مصر العربية لدى فيتنام، إلى جانب رؤساء وفود أكثر من 60 دولة وقّعت على الاتفاقية.
وقام بالتوقيع عن مصر الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس الوفد المصري رفيع المستوى المشارك في مراسم التوقيع.
عمرو طلعت: الاتفاقية خطوة فارقة لترسيخ نظام عالمي أكثر أمانًا وعدالة في الفضاء الرقمي
أكد الدكتور عمرو طلعت في كلمته أن هذه الاتفاقية تمثل نقطة تحول تاريخية نحو بناء نظام عالمي أكثر أمنًا وعدالة في الفضاء السيبراني، بما يعكس التزام المجتمع الدولي بمواصلة التعاون متعدد الأطراف لمواجهة التهديدات الإلكترونية والجريمة العابرة للحدود.
وأشار إلى أن مصر تعتز بعلاقاتها الدبلوماسية الممتدة مع فيتنام، والتي تُوجت هذا العام بالارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الشاملة، معربًا عن تقديره لحسن الاستقبال وكرم الضيافة من الجانب الفيتنامي.
وأضاف الوزير أن توقيع مصر على الاتفاقية يجسد إيمان الدولة الراسخ بسيادة القانون في العصر الرقمي، ويؤكد التزامها بدعم الجهود الأممية في حماية الفضاء السيبراني ومكافحة الجريمة الإلكترونية، موضحًا أن الخبرات المصرية كان لها دور بارز في إثراء النقاشات الدولية وصياغة نصوص الاتفاقية بما يحقق التوازن بين مقتضيات العدالة واحترام السيادة الوطنية.
اتفاقية أممية شاملة لحماية الفضاء السيبراني العالمي
تُعد هذه الاتفاقية أول إطار قانوني دولي شامل لمواجهة التهديدات الإلكترونية والجريمة العابرة للحدود في المجال الرقمي، وقد تم اعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2024 بموجب القرار رقم 79/243.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التدابير الدولية لمنع ومكافحة الجريمة السيبرانية، خاصة في مجالات تبادل الأدلة الإلكترونية والتعاون القضائي، بالإضافة إلى تيسير المساعدة التقنية وبناء القدرات، لاسيما لصالح الدول النامية.
وتتألف الاتفاقية من تسعة فصول تتناول الأحكام العامة والتجريم والاختصاص القضائي والتعاون الدولي والتدابير الوقائية والمساعدة التقنية وآلية التنفيذ. ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من تصديق 40 دولة عليها.
مصر تؤكد التزامها بتعزيز الأمن الرقمي العالمي
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن مصر، خلال العقدين الماضيين، بنت منظومة متكاملة لحماية فضائها الرقمي، ترتكز على التكامل بين الأطر التشريعية والمؤسسات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون، فضلًا عن تطوير قدرات المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات، وذلك ضمن رؤية مصر الرقمية التي تسعى لبناء مجتمع آمن وشامل ومستدام.
وأشار إلى أن مشاركة مصر في صياغة الاتفاقية منذ عام 2021 جاءت من منطلق قناعتها بأهمية صياغة أداة قانونية دولية ملزمة، تعزز من ثقة الشعوب في الفضاء السيبراني، وتحافظ على الأمن الرقمي كأحد ركائز التنمية الشاملة.
المركز المصري–الأفريقي لمكافحة الجريمة السيبرانية: نموذج للتعاون الإقليمي
وكشف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن مصر تمضي قدمًا في إنشاء المركز المصري–الأفريقي لمنع ومكافحة الجريمة السيبرانية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ليكون نموذجًا متفردًا لبناء القدرات وتعزيز التعاون التقني في القارة الإفريقية.
وأوضح أن المركز سيعمل كمنصة إقليمية لتبادل الخبرات وتنسيق الجهود في مجالات العدالة السيبرانية، والأمن الرقمي، ونقل التكنولوجيا، بما يجسد حرص مصر على ترسيخ مبادئ العدالة العابرة للحدود وتفعيل التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي.
مؤتمر دولي في القاهرة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية
وفي ختام كلمته، دعا الدكتور عمرو طلعت الدول الأعضاء والمنظمات الدولية للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي تستضيفه القاهرة خلال الأشهر المقبلة، ليكون من أوائل المنصات العالمية لمناقشة آليات تنفيذ الاتفاقية وتحويل نصوصها إلى سياسات وتعاون عملي بين الدول.
وأكد أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية تمثل جسرًا نحو مرحلة جديدة من العمل الأممي المشترك، وترسخ لمفهوم أن الأمن الرقمي مسؤولية جماعية، مشددًا على أن مصر ستواصل العمل مع شركائها الدوليين لتحويل الفضاء السيبراني إلى بيئة آمنة، منفتحة، ومتصلة بالتنمية والسلام.



















0 تعليق