في اليوم الثامن من اجتماعات المجلس العام السابع والعشرين للاتحاد العالمي للكنائس المصلحة (WCRC)، المنعقد في 21 أكتوبر، قدّم أربعة من أبرز اللاهوتيين تأملاتهم حول موضوع اليوم الذي جاء بعنوان: “الثبات في رسالة الله في مناطق الأزمات”، داعين إلى لاهوت أكثر قربًا من الناس، وتعاطف أكثر شجاعة، وسط تحديات عالمية غير مسبوقة.
دعوة إلى تجديد الشهادة والإيمان في عالم متألم
قال الدكتور القس جوسوب كيم، الأمين العام لمجلس الإرساليات العالمي، إن العالم يواجه أزمات عميقة تستدعي تجديد الشهادة المصلحة والعمل الفوري.
وأضاف بانه هناك أخطار حالية تهدد الأفراد والمجتمعات، فالعالم مجروح بعمق، ووصف المشهد العالمي بـ"الكارثي"، مشيرًا إلى أن “قوى الموت” أصبحت تهيمن على النظام العالمي، وأن الخليقة “تئن بيولوجيًا، لا مجازيًا فقط”.
وتساءل كيم: ما معنى الثبات في الشهادة حين تُعاد كتابة مفاهيم الإنسانية والعدالة بمعايير الإمبراطورية؟، ودعا إلى رؤية مستقبلية للاتحاد يعيش فيها الناس ببساطة ويشاركون بكرم، مضيفًا: الحكمة الحقيقية تُقاس بالرحمة والروحانية، وأبسط اعتراف يبقى الأعمق: الله هو إله الحياة، والحياة ملك لله.
الاستعمار ما زال يتسلل إلى النظم والهياكل
من جانبها، تناولت الدكتورة ويبيكه يانسن، رئيسة قسم اللاهوت والمسكونية بالكنيسة الإنجيلية في راينلاند، استمرار تأثير الاستعمار في النظم والهياكل الحديثة.
وقالت: السعي إلى العدالة أمر معقد ومرهق... ويحتاج إلى مثابرة حقيقية للسير في طريقها، وأضافت أن المؤمنين اليوم مرتبطون بالأنبياء الذين رفضوا الفصل بين الحياة الروحية والعدالة الاجتماعية، متسائلة: كيف يمكن للثراء الروحي والفكري الذي نعيشه هنا أن ينعكس على حياة كنائسنا خلال السنوات السبع المقبلة؟.
لاهوت يتحدى السلطوية... ويتفاعل مع الواقع
أما الدكتورة القسيسة كارين جورجيا تومبسون، الرئيسة العامة لكنيسة المسيح المتحدة، فقد أعربت عن تقديرها للثراء الفكري الذي حملته جلسات المجلس ومحاضراته.
وقالت: سيستغرق الأمر وقتًا لفهم كل ما طُرح من أفكار، مشيرة إلى أن العالم والكنيسة يمران بتحولات جذرية.
وأضافت: نعيش في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الحياة الكنسية، فالذكاء الاصطناعي لا يزال وافدًا جديدًا في حياة الكنيسة.
وأكدت أن اللاهوت يجب أن يواجه تحديات السلطوية والقومية المتطرفة، مضيفة: العمل اللاهوتي للاتحاد يجب أن يكون في قلب الشهادة المسيحية، وأن يقاوم الأيديولوجيات التي تدّعي المسيحية وهي ليست منها.
وشددت على أن قول الحقيقة معيار أساسي للشهادة النبوية، معتبرة أن المطالبة بالتعويض والعدالة الاجتماعية مطلب لاهوتي مشروع، وأضافت: اللاهوت الذي لا يتصل بحياة الناس يظل جامدًا، لا حيويًا.
لاهوت الإصلاح... مسؤولية ونعمة
وفي ختام الجلسة، دعا القس الدكتور داريو بارولين، راعي الكنيسة الولدنسية في الأوروغواي، إلى عيش اللاهوت المصلح بطرق ثرية ومتنوعة.
وقال: “يجب أن ننتبه إلى كيفية حديثنا واستماعنا إلى بعضنا، خصوصًا في القضايا الحساسة، وأن نحاول التمييز بين ما يقوله إخوتنا وما نسمعه بالفعل”.
وطالب بلاهوت يقرأ علامات الأزمنة ويمتلك الشجاعة لتسمية مسببي الألم بأسمائهم، قائلاً: عندما نتحدث عن معاناة الخليقة، من الضروري أن نُسمّي المسؤولين عنها. من يسبب هذا الألم؟.
وأكد أن المحاسبة والنعمة يسيران معًا، مضيفًا: حتى أولئك المسؤولين عن الظلم لا يُنسَون من الله، بل يُدعون إلى التوبة.
وختم بارولين حديثه بأسف عميق قائلا : “العنف والقوة والابتزاز والسلاح أصبحت مقبولة ومنظمة عالميًا... وكأننا أمام إعلان جديد يكرّس سلطة الموت كقانون للعالم”.
0 تعليق