حملات التوعية الرقمية.. كيف يمكن للإعلام أن يغيِّر السلوك؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  في زمنٍ أصبحت فيه الشاشة نافذة الناس على العالم، لم تعد حملات التوعية تقتصر على الملصقات أو البرامج التلفزيونية، بل انتقلت إلى الفضاء الرقمي بكل ما يحمله من سرعة وتأثير وانتشار. وأصبح الإعلام الرقمي اليوم هو السلاح الأقوى في مواجهة السلوكيات السلبية ونشر القيم الإيجابية، من خلال حملات توعوية رقمية تصل إلى كل بيت، وكل هاتف، وكل عقل يبحث عن المعلومة أو التفاعل.

حيث أثبتت التجربة أن القوة الحقيقية للإعلام ليست في نقل الأخبار فقط، بل في تغيير السلوك. فحين تُصاغ رسالة توعوية بذكاء، وتُقدَّم عبر وسائط مؤثرة مثل الفيديوهات القصيرة، والقصص الواقعية، والتصميمات الجاذبة، فإنها تستطيع أن تزرع فكرة وتبدّل عادة، بل وتبني اتجاهًا جديدًا في المجتمع، ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار في الإعلام الرقمي كأداة للتأثير الإيجابي، لا مجرد وسيلة للترفيه أو الإعلان.

ولقد رأينا كيف استطاعت بعض الحملات الرقمية أن تغيّر سلوكيات الشباب تجاه قضايا مهمة مثل القيادة الآمنة، الحفاظ على البيئة، مكافحة التنمر الإلكتروني، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، بل إن بعض الحملات الصحية، التي انطلقت عبر “السوشيال ميديا”، نجحت في الوصول إلى الملايين في أيام قليلة، وأحدثت أثرًا ملموسًا في وعي الجمهور، لأنها خاطبتهم بلغتهم وبأسلوبهم القريب منهم.

ومع ذلك، يبقى التحدي الحقيقي في كيفية بناء الرسالة التوعوية الرقمية، فالجمهور الآن أصبح أكثر وعيًا واختيارًا، ولم يعد يتأثر بالخطاب التقليدي المباشر. لذلك، يجب أن تتسم حملات التوعية الرقمية بالصدق، والواقعية، والابتكار، وأن تعتمد على القصص الإنسانية الحقيقية التي تلامس مشاعر الناس وتدفعهم للتفاعل، فالمحتوى الإنساني دائمًا أكثر بقاءً من الشعارات النظرية.

ومن المهم أيضًا أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات الإعلامية والوزارات والمجتمع المدني في تنفيذ هذه الحملات، بحيث تكون الرسالة موحّدة ومتكاملة. فالتوعية لا يجب أن تظل حبيسة الحملات الموسمية، بل ينبغي أن تصبح ثقافة مستمرة، تتجدد مع كل قضية تمس المجتمع، سواء كانت بيئية أو صحية أو اجتماعية أو سلوكية.

كذلك لا يمكن أن نغفل دور الشباب أنفسهم في نشر الوعي الرقمي. فحين يتحول الشاب إلى “مؤثر إيجابي”، يشارك محتوى نافعًا أو تجربة ملهمة أو سلوكًا جيدًا، فإنه يساهم في بناء مجتمع رقمي أكثر وعيًا ومسؤولية، وهنا يظهر دور التعليم والأسرة في تشجيع هذا الاتجاه، من خلال تعزيز قيم المشاركة الإيجابية، لا الاستهلاك السلبي للمحتوى.

لذا، يمكن القول إن الإعلام الرقمي لم يعد مرآة للمجتمع فقط، بل أصبح أداة لتغييره وتطويره، فبقدر ما نستخدم هذه المنصات بوعي، بقدر ما نصنع فارقًا حقيقيًا في سلوك الأفراد واتجاهاتهم، وحين تتوحّد جهود الدولة والإعلام والمجتمع في توظيف قوة “الرسالة الرقمية” لصالح الوعي والسلوك الإيجابي، نكون قد خطونا خطوة حقيقية نحو بناء مجتمع أكثر نضجًا ومسؤولية في زمن السرعة والمعلومة المفتوحة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق