تحتفل كنيسة السيدة العذراء مريم بالزيتون بمرور مئة عام على تأسيسها وتدشينها، في احتفالية كبرى، بحضور قداسة البابا تواضروس الثاني وعدد من المطارنة والأساقفة والشخصيات العامة.
تعود فكرة إنشاء الكنيسة إلى عام 1918، حين راودت أحد المؤمنين رؤيا دعت إلى بناء بيت للعذراء في هذا المكان المبارك. وبعد سنوات من العمل، اكتمل البناء عام 1924 ودُشنت الكنيسة رسميًا في 29 يونيو 1925، تحت إشراف المهندس الإيطالي ليموفيلي (أو ليمون جليلي).
استُلهم تصميم الكنيسة من الطراز البيزنطي، تحديدًا من كنيسة آيا صوفيا في إسطنبول، فجاءت بقبّة رئيسية تحيط بها قباب صغيرة، لتُضفي على المكان طابعًا مهيبًا يمزج بين الفن المعماري والروحانية.
تقع الكنيسة في شارع طومانباي بحي الزيتون في القاهرة، حيث أصبحت بمرور السنين أحد أشهر المعالم الدينية في مصر.
الظهور المريمي الذي غيّر التاريخ
في مساء الثلاثاء 2 أبريل 1968 ، شهدت القاهرة حدثًا روحيًا استثنائيًا سيبقى خالدًا في ذاكرة المصريين.
فوق قباب الكنيسة، ظهرت السيدة العذراء مريم نورانيةً مضيئة، تتحرك في هالة من النور، أحيانًا كاملة الجسد وأحيانًا نصفه، تحيط بها أضواء وحمام أبيض يطير حولها في صمت مهيب.
كان أول من لاحظ الظهور عمال مرآب النقل العام المقابل للكنيسة، الذين اعتقدوا في البداية أن فتاة تحاول الانتحار، قبل أن يدركوا أن ما يرونه هو تجلٍ سماوي حقيقي.
وشكّل البابا كيرلس السادس لجنة كنسية لتقصّي الحقيقة، فأعلنت الكنيسة رسميًا توثيق الظهور بعد التأكد من صدقه وتكراره أمام آلاف الشهود من مختلف الطوائف والجنسيات.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت كنيسة الزيتون تُعرف باسم “كنيسة الظهور”، ويُحتفل سنويًا في 24 برمهات بذكرى هذا الحدث الفريد الذي جذب أنظار العالم كله.
مكانة روحية تتجاوز الجدران
تحوّلت الكنيسة بعد الظهور إلى مزار روحي عالمي يستقطب المؤمنين من داخل مصر وخارجها، ليس فقط من الأقباط، بل من مسلمين وزوار أجانب يأتون لتأمل هذا المكان الذي شهد معجزة حقيقية في قلب القاهرة.
ومع مرور السنوات، واصلت الكنيسة أداء دورها الرعوي والاجتماعي، فصارت جسرًا بين الكنيسة والمجتمع المصري، وواحة للسلام والسكينة في زمن متغيّر.
كما أطلقت الكنيسة موقعًا إلكترونيًا لتوثيق تاريخها وأحداث الظهور، لتبقى الذاكرة حية للأجيال الجديدة.
فن معماري يجمع بين الأصالة والقداسة
من الخارج، تتلألأ قباب الكنيسة المكسوة بالنحاس تحت ضوء الشمس، بينما يحتضن الداخل أيقونات ولوحات مريمية نادرة تُعبّر عن مراحل حياة السيدة العذراء.
وتحمل الكنيسة مزيجًا من الطرازين البيزنطي والمصري الحديث، مما جعلها تحفة معمارية فريدة في العاصمة.
كما شهدت الكنيسة مؤخرًا مشروعات ترميم وتطوير للحفاظ على أصالتها، استعدادًا للاحتفال بمئويتها التي تمثل علامة فارقة في تاريخ الكنيسة القبطية.
مئوية الإيمان والهوية
يوم 18 أكتوبر 2025 لا يُعد مجرد ذكرى تأسيس، بل احتفالًا بقرن من الإيمان والمعجزات.
فالكنيسة التي بدأت بحلم صغير، أصبحت اليوم رمزًا حيًا للروح القبطية المتجذّرة في أرض مصر، وشاهدة على تفاعل السماء مع الأرض في مشهد روحي أبهر العالم.
0 تعليق