ناهد رشدي… حضور هادئ يترك أثره في الذاكرة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

ناهد رشدي ليست مجرد ممثلة، بل روح فنية تنبض بالحياة قبل أن تُقال أي كلمة. كل حركة تقوم بها، كل نظرة، وكل صمت، يحمل معنى أعمق، كأن المشهد يتحدث باسمها قبل أن تتحدث هي. لم تكن تبحث عن الأضواء أو الشهرة، بل عن الصدق الفني وقدرتها على لمس وجدان المشاهد. حضورها هادئ، لكنه قوي في جوهره، رقيق في ظاهره، وكأن كل لحظة تمثيل معها تجربة إنسانية متكاملة.

تخرّجت ناهد من المعهد العالي للفنون المسرحية، ومنذ بداياتها بدا واضحًا أن موهبتها ليست سطحية، بل تنبع من فهم عميق للفن وللإنسانية. كانت تعرف أن التمثيل لا يقوم فقط على الصوت المرتفع أو الإيماءة البارزة، بل على القدرة على التواصل مع المشاهد، على أن يرى جزءًا من ذاته في الشخصية، وعلى أن يشعر بالصدق في كل لحظة من الأداء. لذا، كان حضورها دائمًا متوازنًا بين الرقة والقوة، بين الصمت والكلمة، وبين الانكسار والقدرة على الصمود.

تميزت ناهد رشدي بقدرتها على رسم الشخصيات من الداخل، على إبراز التفاصيل الصغيرة التي تجعلها حقيقية ومؤثرة. أداؤها، مهما بدا بسيطًا، كان يحمل عمقًا إنسانيًا وواقعية نادرة، مما جعل حضورها دائمًا مميزًا وملفتًا دون الحاجة لأي استعراض.

مسيرتها الفنية اتسمت بالثبات والاختيار الواعي. لم تسعَ وراء الشهرة السريعة أو الضجة الإعلامية، بل فضّلت تقديم فن صادق يعكس إحساسها العميق بالفن والإنسانية. هدوؤها وصدقها في الأداء جعلا منها مثالًا للفنانة التي تقدّم فنًا بكرامة، وتحترم المشاهد والمشهد، وتترك أثرًا يمتد مع الزمن.

إلى جانب ذلك، كانت ناهد تولي اهتمامًا بالغًا بالتفاصيل الدقيقة للشخصية، من لغة الجسد إلى نبرة الصوت، لتخلق توازنًا طبيعيًا بين ما يُرى وما يُحس. هذا الاهتمام جعل كل ظهور لها يشعر الجمهور بالصدق ويقربهم من الشخصية، ويجعل لحظة التمثيل أكثر حيوية وتأثيرًا.

تبقى ناهد رشدي واحدة من الفنانات اللواتي يتركن أثرًا هادئًا ودائمًا في ذاكرة الدراما المصرية. أداؤها الصادق وهدوء حضورها يجعل كل شخصية تؤديها تبقى حيّة في الذاكرة، ويجعلها نموذجًا للفنانة التي تعرف كيف تقدم الفن باحترام وصدق، بعيدًا عن المبالغة أو الاستعراض، محافظةً على قيمة الفن وروحه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق