كيف تخطط إسرائيل لـ«إنهاء الوجود الفلسطينى» فى الضفة الغربية؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلى، أمس، اقتحام محافظة «طوباس» فى الضفة الغربية المحتلة، وفرض حظر تجوال بها، بعد يوم واحد على انسحابه منها، إثر اقتحام دام ٤ أيام، نفذ خلالها عمليات تخريب واعتقال للفلسطينيين.

وداهمت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى منازل فلسطينية عدة، وحولتها إلى ثكنات عسكرية، خلال اقتحامها مناطق واسعة من مدينة «طوباس» وبلدة «عقابا»، إلى جانب فرض حظر تجوال هناك حتى إشعار آخر.

ومع انتشار القوات الإسرائيلية فى أرجاء «طوباس»، واتخاذها من عدة منازل هناك ثكنات عسكرية، إلى جانب إغلاق الطرق، وفرض حظر تجوال، اضطرت المحافظة لتعطيل الدراسة والعمل فى كل المؤسسات.

وتتمركز هذه القوات فوق المبانى، بالتزامن مع شن حملة اعتقالات، وغلق الشوارع بالسواتر الترابية، وتسجيل خسائر كبيرة جدًا ناجمة عن الأضرار التى ألحقها الاحتلال فى المحافظة.

ويأتى ذلك بعد يوم واحد فقط من انسحاب جيش الاحتلال من المحافظة، عقب عدوان استمر ٤ أيام متتالية، خلّف خلاله خرابًا كبيرًا فى الممتلكات العامة والخاصة، ومئات الإصابات والاعتقالات والمداهمات لمنازل المواطنين.

محافظ طوباس: الاحتلال يسعى لجعل المنطقة غير صالحة للعيش لتوسيع الاستيطان

قال محافظ طوباس والأغوار الشمالية، أحمد أسعد، إن حصيلة الاعتقالات خلال عملية الاقتحام الأولى، التى دامت ٤ أيام من الأسبوع الماضى، وصلت إلى حوالى ٢٠٠ معتقل ومحتجز من كل المناطق، أُفرج عن غالبيتهم بعد تحقيق ميدانى وتنكيل وتعذيب.

وأضاف «أسعد»، لـ«الدستور»: «فور انتهاء العدوان، ستعمل لجنة حصر الأضرار على تسجيل وحصر أضرار العدوان بحق الممتلكات العامة والخاصة، بعد أن تنوعت هذه الأضرار بين تحطيم محتويات منازل ومركبات، وتجريف طرق، وقطع خطوط مياه وكهرباء، إضافة إلى خسائر القطاعين الزراعى والتجارى، وتعطل العمال عن التوجه إلى أعمالهم»، مشيرًا إلى تعطيل الدراسة ودوام المؤسسات العامة والخاصة يومىّ الأربعاء والخميس الماضيين.

ونبّه محافظ «طوباس» إلى أن هدف الاحتلال من هذه العملية ودخول طوباس واضحة. ورغم أن حججه دومًا هى «ملاحقة مطلوبين ومنع وقوع عمليات»، فإنه يتمثل هدفه الوحيد فى التخريب والتدمير، وجعل المحافظة بيئة طاردة وغير صالحة للعيش نتيجة عدم توافر الأمان والحياة الكريمة نتيجة ممارسات الاحتلال ومستوطنيه، وهو ما يتسق مع نوايا حكومة الاحتلال بتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضى.

وعن وجود حركة نزوح من «طوباس» إلى مدن أخرى داخل الضفة الغربية، قال المحافظ: «حركة النزوح كانت داخلية، فقد توجه النازحون إلى أقاربهم داخل بلداتهم، حيث يتم إيواؤهم لحين انسحاب الاحتلال من منازلهم».

وأشار إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية فى «طوباس» و«الأغوار الشمالية» تأتى فى ظل استمرار الحصار على مختلف المناطق، وتصاعد المخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية، مضيفًا: «القوات الإسرائيلية منتشرة فى محيط عدة بلدات ومخيمات، رغم إعادة تموضعها خلال الساعات الماضية».

وأوضح أن قوات الاحتلال ركزت عملياتها فى بلدة «طمون»، خلال الأيام الماضية، قبل أن تنسحب وتعيد انتشارها باتجاه مخيم «الفارعة»، مضيفًا: «بعض الثكنات والمراكز العسكرية أُخليت، لكن الحصار على طمون وبقية مناطق المحافظة لا يزال قائمًا».

وواصل: «القوات الإسرائيلية ليست موجودة داخل المخيم فى الوقت الحالى، لكنها تواصل تطويق المنطقة بالكامل، ما يُبقى المحافظة تحت حظر تجوال فعلى منذ بدء العملية».

وعاد لتأكيد أن الاحتلال يسعى إلى تسويق مبرر أمنى لهذه العملية، قائلًا: «يتحدثون عن مطلوبين وإرهابيين، وفق روايتهم. لكن الواقع على الأرض لا يدل على أى إنجاز أمنى بعد أيام من الاقتحامات».

وأشار إلى أن «القوات الإسرائيلية وزّعت منشورات على السكان تحذّر من إيواء مطلوبين، وتطالب الأهالى بعدم العودة إلى منازلهم لعدة أيام»، مضيفًا: «العملية ذات طابع سياسى أكثر منها أمنية»، مستشهدًا باستمرارها الطويل دون تحقيق أى هدف معلن أو ضبط أى شىء ذى قيمة.

ومع استمرار العملية لـ٤ أيام فى المرحلة الأولى، ثم عودتها مجددًا بالأمس، قال محافظ «طوباس»: «الأوضاع الإنسانية أصبحت شديدة الصعوبة، خاصة مع شحّ المواد الأساسية».

وأضاف المحافظ: «الناس تطالب بالخبز والمياه، والأطفال والمرضى بحاجة إلى احتياجات عاجلة»، لافتًا إلى أن لجنة الطوارئ فى المحافظة تعمل على تأمين ما يمكن من احتياجات السكان رغم صعوبة الحركة.

وحسب المحافظ، سجّلت «طوباس» عددًا من الشهداء، إضافة إلى حوالى ٦٠ إصابة نتيجة الضرب المبرح والاعتداءات، بينهم ١٣ نُقلوا إلى المستشفيات لتلقى العلاج.

واختتم محافظ «طوباس» بقوله: «نأمل أن تنتهى هذه العملية قريبًا، فالوضع قاسٍ على المواطنين، ونحن نبذل كل جهدنا لتخفيف معاناتهم».

متحدث «تيار الإصلاح الديمقراطى»: جرائم حرب فى إطار مخطط للتطهير العرقى

رأى ديمترى دليانى، المتحدث باسم «تيار الإصلاح الديمقراطى» فى حركة «فتح»، أن اقتحام «طوباس» يكشف عن «انتقال جيش الإبادة الإسرائيلى إلى مرحلة أشد اتساعًا فى عدوانه على شمال الضفة الغربية». وأضاف «دليانى» أن هذا التوسع يأتى ضمن خطة تستهدف إضعاف محافظات الضفة الشمالية عبر اقتحامات مركّزة، والاستيلاء على منازل وتحويلها إلى مواقع عسكرية بعد طرد سكانها، وفرض السيطرة على المفاصل الحيوية التى تقوم عليها الحياة اليومية للمواطنين. وواصل، فى تصريحات لـ«الدستور»: «ما جرى فى طوباس يأتى امتدادًا لمسار متصاعد شهدته جنين وطولكرم ونابلس، خلال الأسابيع الماضية، حيث اتسعت الاعتقالات، وتزايد تحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية، وتكثّفت عمليات الإغلاق المباغت للطرق بما يشل الحركة المدنية، ويقوّض قدرة المواطنين على إدارة شئونهم الطبيعية». وأكمل: «هذه الخطوات تعكس رؤية سياسية وأمنية تعمل دولة الإبادة الإسرائيلية على تكريسها ميدانيًا، تستهدف إنهاك النسيج المدنى الفلسطينى، وإبقاء المواطنين فى حالة استنزاف دائم يحدّ من قدرتهم فى حماية بيوتهم وأرضهم وأعمالهم». وختم بتأكيده أنّ «ما يجرى فى طوباس يتجاوز حدود الاقتحام الأمنى، لأنّ النتائج المباشرة لهذه السياسة تهدد الهوية الوطنية، وحق أهل المحافظة فى الحفاظ على وجودهم الطبيعى على أرضهم، ما يتطلب من المجتمع الدولى التعامل مع هذه الانتهاكات بوصفها جرائم حرب منظمة فى إطار المخطط الأكبر للتطهير العرقى».

«منظمة التحرير»: نتنياهو ورجاله يعملون  من أجل خلق بيئة طاردة تهدف للتهجير

شدد الدكتور واصل أبويوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى، منذ تشكيلها الحالى، تسعى إلى تنفيذ سياسة شاملة ضد الشعب الفلسطينى، مستهدفة الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

وأوضح «أبويوسف» أن هذه السياسة تتجسد فى اقتحامات يومية، واعتقالات جماعية، واستهداف المدنيين، وفرض حصار متواصل على المدن والقرى الفلسطينية، مشيرًا إلى استمرار حرب الإبادة منذ ١٠ أكتوبر الماضى، والتى أسفرت حتى اليوم عن استشهاد ٣٥٦ فلسطينيًا وإصابة ٩٠٠ آخرين فى قطاع غزة.

وأكد أن سياسة الاحتلال تتضمن عقابًا جماعيًا للسكان الفلسطينيين فى مدينة طوباس ومحيطها، بما يشمل القرى والبلدات التابعة لها، مثل عقابة وطمون ومخيم الفارعة، إضافة إلى استمرار الاعتداءات فى محافظة جنين وطولكرم ونابلس، موضحًا أن هذه الإجراءات تهدف لكسر صمود الشعب الفلسطينى وفرض السيطرة الاحتلالية على الأرض.

وأشار إلى أن الاحتلال يستخدم ما وصفه بـ«رخصة القتل» بحق الفلسطينيين، عبر تسليح المستوطنين وارتكاب انتهاكات مباشرة تشمل القتل العمد، التعذيب، والتنكيل بالأسرى والمعتقلين، إضافة إلى اعتداءات جنسية بحق الرجال والنساء، موضحًا أن آلاف الأسرى فى قطاع غزة لا يزال مصيرهم مجهولًا، فيما تُحتجز جثامين الشهداء بهدف القضاء عليهم.

وحذر من محاولات الاحتلال فصل قطاع غزة عن الأراضى الفلسطينية المحتلة، لافتًا إلى أن فلسطين وحدة جغرافية وسياسية وديموغرافية لا يمكن القبول بتجزئتها، مشددًا على أن أى محاولات لفصل غزة أو فرض أجندات خارجية، بما فى ذلك تدخلات أمريكية أو أوروبية، مرفوضة، مبينًا أن السلطة الوطنية الفلسطينية هى الجهة الشرعية الوحيدة المسئولة عن إدارة المرحلة الثانية من الاتفاقيات، بما يشمل فتح المعابر وإعادة العالقين والجرحى.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى لإحداث بيئة طاردة تهدف لتهجير الفلسطينيين، معتبرًا أن هذا يتطلب تكاتف الجهود لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال فى غزة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطينى فى مواجهة الاعتداءات المستمرة.

وأضاف «أبويوسف» أن المجتمع الدولى مطالب بالتحرك العاجل لفرض عقوبات على حكومة الاحتلال ومعاقبتها أمام المحاكم الدولية، خاصة المحكمة الجنائية الدولية، على جرائمها المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين.

واختتم بالتأكيد على أهمية وحدة الجهود الفلسطينية لحماية الحقوق الوطنية، ومواصلة العمل السياسى والدبلوماسى لمواجهة الاحتلال، مشددًا على أن الحفاظ على الأرض الفلسطينية وتطبيق القانون الدولى يمثل السبيل الوحيد لمنع تهجير الشعب الفلسطينى وتحقيق طموحاته المشروعة فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

  محلل سياسى: تقليص نفوذ السلطة الفلسطينية وإلغاء حل الدولتين «الهدف الحقيقى» من العمليات العسكرية المتواصلة

شدد المحلل السياسى الفلسطينى، نعمان توفيق العابد، على أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى تشن حملة ممنهجة ضد المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية فى الضفة الغربية. 

وأوضح «العابد» أن هذه الحكومة تركز على الاقتحامات العسكرية المتواصلة، والاغتيالات، والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية، وتكثيف الاستيطان، إضافة إلى تصعيد هجمات المستوطنين شبه اليومية، وكل ذلك بهدف الضغط على الشعب الفلسطينى، وتأكيد سيطرة الاحتلال على الأرض.

وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتى فى إطار رسالة مزدوجة، داخليًا؛ لتثبيت سياسات الحكومة تجاه الاحتلال والاستيطان ورفض أى مسار سياسى لحل الدولتين، وخارجيًا؛ لإعطاء الانطباع بسيطرة إسرائيلية كاملة على الأرض الفلسطينية. 

وأضاف: «هذه الحملات فى محافظة طوباس وغيرها من المناطق الشمالية للضفة تأتى ضمن استراتيجية ممنهجة لتضييق الخناق على الفلسطينيين، واحتلال المخيمات الفلسطينية فى جنين وطولكرم، وتهجير سكانها، تحت ذريعة وجود مقاومة فى هذه المناطق».

وذكر أن محافظة طوباس، الواقعة قرب الأغوار، تعد منطقة استيطان مستهدفة بشكل مباشر من قبل الاحتلال، مع وجود العديد من المعسكرات العسكرية الإسرائيلية، مشددًا على أن الهدف الأساسى لهذه العمليات هو ترسيخ الوجود العسكرى للاحتلال فى الضفة الغربية، وتقليص نفوذ السلطة الوطنية الفلسطينية فى العمليات الشرطية والإدارية، ومنع قيام الدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن هذه الحملات تهدف، أيضًا، إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر الاستيلاء على الأراضى وزيادة الاستيطان، وتقطيع الضفة الغربية، والسيطرة على السكان الفلسطينيين، مؤكدًا أن الاحتلال يسعى من خلال وجوده العسكرى والأمنى إلى التحكم فى كل جوانب حياة المواطن الفلسطينى وأرضه.

وختم بالقول إن النهج الإسرائيلى الحالى يعكس استراتيجية ممنهجة لتكريس الاحتلال، وضمان بقاء الهيمنة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مع التضييق المستمر على الشعب الفلسطينى، والحد من أى قدرة للسلطة الوطنية على ممارسة عملها، وبالتالى إحباط أى محاولات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق