تتصاعد حدة النقاشات داخل الأوساط السياسية الفرنسية بشأن تشديد القوانين المرتبطة بارتداء الحجاب، في ظل تنامي نفوذ اليمين المتطرف واحتدام المنافسة السياسية. وتشهد فرنسا، صاحبة إحدى أكبر الجاليات المسلمة في أوروبا، موجة جديدة من المقترحات الموجهة نحو تضييق مساحات التعبير الديني في الفضاء العام.
مشروع قانون جديد لحظر الحجاب على القاصرات
خلال الأسبوع الماضي، تقدم لوران فوكييه، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الجمهوريين، بمشروع قانون يهدف إلى منع ارتداء الحجاب من قبل القاصرات في الأماكن العامة، في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل السياسي والإعلامي.
نونيز: الإجراء سيؤذي مواطنينا المسلمين ويعمّق الانقسامات
ومن جانبه اعرب بوضوح وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز، الذي تولى منصبه في أكتوبر خلفًا لبرونو روتايو، عن رفضه للمقترح، معتبرًا أن القرار يحمل مخاطر واضحة لوصم المواطنين المسلمين.
وقال نونيز في مقابلة مع قناة “BFMTV”:"هذا المقترح يصم بشدة مواطنينا المسلمين الذين قد يشعرون بالأذى… أنا لا أؤيده بهذه الصيغة."
وأكد ضرورة التعامل مع الملف بحذر، والتركيز على محاربة التفسيرات المتطرفة للدين بدل اتخاذ إجراءات قد تزيد الفجوة داخل المجتمع الفرنسي.
المقترح يمتد إلى صيام رمضان للأطفال
ولم يقتصر مشروع كتلة الجمهوريين على الحجاب فقط، بل امتد ليشمل حظر صيام رمضان لمن هم دون 16 عامًا، وهو ما أثار اعتراضات واسعة داخل المجتمع الفرنسي وبين القوى السياسية المختلفة، معتبرين أن المقترح يمس الحريات الشخصية والتقاليد الدينية.
ورغم موقف وزير الداخلية، فإن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون تشهد تباينًا ملحوظًا في المواقف.
فقد أعلنت وزيرة المساواة بين الرجل والمرأة، أورور بيرجيه، دعمها للمقترح، معتبرة أنه جزء من جهود حماية الأطفال، مشيرة إلى وجود أغلبية برلمانية محتملة قد تصوت لصالح تمريره في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
الإطار القانوني للعلمانية في فرنسا
تستند فرنسا في قوانينها الحالية إلى نظام العلمانية الصارم، حيث تُمنع الرموز الدينية الظاهرة — مثل الصليب الكبير، والقلنسوة اليهودية، وعمامة السيخ، والحجاب — داخل المؤسسات الحكومية والمدارس العامة، سواء للطلاب أو الموظفين، إلا أن توسيع هذا المنع إلى الفضاء العام بالنسبة للقاصرات يُنظر إليه كمنعطف كبير في النقاش بشأن الحريات الدينية وحدود العلمانية في البلاد.
















0 تعليق