هذا ما تحتاج إليه مبادرة الاستقلال الرئاسية لكي تنجح

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تزامنت المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عيد الاستقلال، ومن أرض الجنوب، مع ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أنه سيدعوه لزيارة البيت الأبيض، من دون أن ينسى أن يقرن هذه المفاجأة بقوله أيضاً إن "حزب الله" يمثّل مشكلة للبنان.

Advertisement

وبهذين العنوانين يدخل لبنان من جديد في دائرة التفتيش عن الحلول الممكنة والمتاحة لإخراج نفسه من هذه الدوامة، التي لا نهاية قريبة لها ما دام اللبنانيون عالقين بين فكّي كماشة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة منذ سنة حتى اليوم من دون توقف، وعدم تجاوب "حزب الله" المطلق مع قرارات الحكومة والالتزام بخطة "حصرية السلاح". 
ويبقى السؤال الأهم بعد مبادرة رئيس الجمهورية محصورًا في إمكانية ترجمتها على أرض الواقع إذا لم تتوافر لها شروط سياسية وأمنية وديبلوماسية دقيقة، لكن أوساطًا سياسية قرأت جيدًا ما بين سطور هذه المبادرة ورأت أنه من الممكن أن تتحوّل بنودها إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ، من دون أن تغفل ما يمكن أن يعترضها من عقبات، وما يمكن أن يتوافر لها من فرص.
وفي رأي هذه الأوساط أن انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة وتسلّمها من قِبل الجيش يمكن ترجمته عبر الخطوات التالية:

أولًا، بدء مفاوضات تقنية – أمنية برعاية اللجنة الخماسية والأمم المتحدة لتحديد النقاط المحتلة بدقة.
ثانيًا، تحديد خارطة طريق زمنية لانسحاب القوات الإسرائيلية وتسليم المواقع للجيش. ثالثًا، تعزيز انتشار الجيش في الجنوب من خلال زيادة عديده وتجهيزه، وهذا يتطلب دعماً مالياً عاجلاً من الدول الصديقة.

وتستدرك هذه الأوساط لتؤكد أن إسرائيل لن تنسحب من التلال الخمس المحتلة قبل ضمان مقاربة نهائية لدور "حزب الله" وسلاحه، أقّله في المنطقة الجغرافية جنوب نهر الليطاني.
في المقابل ترى هذه الأوساط أن حصر مسؤولية الأمن في منطقة جنوب الليطاني بعناصر الجيش وحدها لا يمكن ترجمتها واقعيًا إلا إذا طّبق القرار 1701 حرفيًا من قِبل الجميع، بمن فيهم إسرائيل، بحيث يكون الجيش القوة الوحيدة الفعلية في هذه المنطقة، بالتزامن مع رفع مستوى جاهزيته لانتشار واسع في المنطقة من خلال المراكز الثابتة وتعزيز قدرات وحدات التدخل السريع، وتزويده بأجهزة إلكترونية متطورة تساعده في المراقبة والتنفيذ، مع تنسيق وثيق مع قوات "اليونيفيل" في خلال الفترة المتبقية لها.

وبالتوازي فإن إصرار "حزب الله" على بقائه في هذه المنطقة قد يكون من بين العوامل غير المشجعة لترجمة المبادرة الرئاسية ما لم يترافق ذلك مع تسوية داخلية وضمانات سياسية لـ "الحزب".
إلاّ أن هذه الخطوات لن يُكتب لها النجاح، في رأي هذه الأوساط، ما لم توضع آلية عملية لإطلاق مسار التفاوض الرسمي للتوصل إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية نهائياً. وهذا الأمر لن يُترجم إلاّ إذا شكّل لبنان وفدًا تفاوضيًا يضم عسكريين وقانونيين وديبلوماسيين، وقبوله برعاية أميركية وبمظّلة أممية على غرار ما حصل في مفاوضات الترسيم البحري، مع فارق كبير، وهو أن ملفات اليوم هي أكثر تعقيدًا من ملفات الأمس، مع تحديد مسبق لجدول هذه المفاوضات. وهذا يعني عمليًا العودة المستحدثة والمتطورة إلى روحية اتفاق الهدنة، الذي يضمن ضبطًا حدوديًا شبه تام.
ولكن دون الوصول إلى هذا الهدف تحدّيات كثيرة، ومن بينها وأهمها كيفية إقناع "حزب الله" بخطّة حصر السلاح بيد القوى اللبنانية الشرعية. وترى هذه الأوساط السياسية أن هذا الأمر لن يتحقّق إلا من ضمن صفقة كبرى تشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابا كامل لإسرائيل، وضمانات دولية بعدم خرق القرار 1701، إضافة إلى ضمانات داخلية لـ "حزب الله" والاعتراف بدوره السياسي، وذلك عبر حوار داخلي يرعاه رئيس الجمهورية.

أخيرًا وليس آخرًا تطرح هذه الأوساط سؤالًا مفصليًا عن مدى قابلية الترجمة الفعلية للمبادرة الرئاسية على أرض الواقع، خصوصًا إذا توافر لها غطاء عربي– دولي قوي. وقد تكون زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن أولى الخطوات في هذا الاتجاه، والتي بدأت تظهر بوادرها، أقلها بالنسبة إلى ما قاله الرئيس الأميركي عن دعوته للرئيس عون إلى العاصمة الأميركية، الذي سيصطحب معه على الأرجح قائد الجيش العماد رودولف هيكل، إذا ما تقررت الزيارة.

وفي رأي هذه الأوساط أن الرئيس عون لم يكن ليطرح هذه المبادرة لو لم يكن متيقنًا من أنها قابلة للحياة، خصوصًا إذا ترافقت مع تسوية كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي معاً، وبالأخصّ من خلال التوازنات الإقليمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق