ماضى ومستقبل القاهرة وسيول

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بالتزامن مع احتفال البلدين بمرور ثلاثين سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وبالذكرى الثانية والثمانين لـ«إعلان القاهرة»، الذى منح الدولة الصديقة استقلالها، زار الرئيس الكورى الجنوبى لى جاى ميونج، القاهرة، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس الخميس، وعقد الزعيمان جلسة مباحثات مغلقة، تلتها أخرى موسعة بمشاركة وفدى البلدين، جرى خلالهما تناول مجمل جوانب العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، وعدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

فى جولته الإفريقية والشرق أوسطية الأولى، منذ توليه منصبه فى يونيو الماضى، التى تستغرق عشرة أيام، خصص الرئيس الرابع عشر لكوريا الجنوبية، ثلاثة أيام للقاهرة. وكانت الدولة الصديقة قد اختارت للاحتفال بالذكرى الثلاثين لبدء العلاقات الثنائية، أو ترفيع التمثيل الدبلوماسى بينهما، عنوان «الاحتفاء بالماضى يصنع المستقبل»، فى إشارة واضحة إلى أن الاحتفال ليس فقط بعقود من الصداقة والتعاون بين البلدين، لكن أيضًا بحرصهما المشترك على أن يقوما، معًا، ببناء مستقبل أكثر إشراقًا وديناميكية.

بـ«إعلان القاهرة»، الصادر فى ٢٧ نوفمبر ١٩٤٣، أدرك المجتمع الدولى أن كوريا يجب أن تصبح حرة ومستقلة. ومع أن الدولة الصديقة افتتحت قنصليتها العامة فى القاهرة سنة ١٩٦٢، إلا أن مصر لم تتخذ خطوة مثيلة، إلا سنة ١٩٩١، قبل أربع سنوات من اتفاق البلدين، فى أبريل ١٩٩٥، على ترفيع التمثيل الدبلوماسى بينهما إلى مستوى سفارة. و... و.... وكحالات أخرى شبيهة، لم تشهد العلاقات الثنائية طفرة حقيقية إلا منذ أن استقبل الرئيس نظيرته الكورية الجنوبية باك كون هيه، فى سبتمبر ٢٠١٤، على هامش الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا، بعد لقائهما، سنة ٢٠١٦، فى سيول، الذى جرى خلاله الاتفاق على ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

مشيدًا بالإنجازات التى حققتها مصر خلال العقد الأخير، التى كان آخرها افتتاح المتحف المصرى الكبير، أكد الرئيس «لى» حرص بلاده على تطوير التعاون مع مصر، سواء على مستوى العلاقات الحكومية التنموية أو من خلال نشاط الشركات الكورية فى السوق المصرية. ومن هذا المنطلق، اتفق الرئيسان على أهمية اتخاذ خطوات تنفيذية، لتدشين المزيد من أوجه التعاون فى مجالات الذكاء الاصطناعى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتشجيع قطاع الأعمال الكورى، على تدشين مصانع لإنتاج البتروكيماويات، والاستفادة من القدرات التكنولوجية لجمهورية كوريا فى هذا المجال، خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إضافة إلى جذب الشركات الكورية، المتخصصة فى إنتاج السيارات وبناء السفن، لتعزيز تواجدها فى مصر، والاستفادة من الحوافز الاستثمارية، التى تتيحها الحكومة المصرية فى هذه القطاعات.

تطرقت المناقشات، أيضًا أو طبعًا، إلى القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، واتفق الرئيسان على ضرورة تعزيز ثقافة السلام، ودعم الاستقرار فى منطقتى الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية، وتكثيف الجهود العالمية لمواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها التصدى للإرهاب، ومكافحة الأوبئة، ومعالجة الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ، والتمسك بأحكام القانون الدولى ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة. 

فى هذا السياق، استعرض الرئيس السيسى الجهود التى تبذلها مصر للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، والتى توِّجت مؤخرًا بالتوصل إلى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، عبر الاتفاق، الذى تم توقيعه، أو تثبيته، فى «قمة شرم الشيخ للسلام» يوم ١٣ أكتوبر ٢٠٢٥، بحضور دولى واسع. كما أوضح الرئيس لنظيره الكورى الجنوبى موقف مصر الثابت القائم على أهمية حل الدولتين، من أجل التوصل إلى سلام دائم وشامل وعادل، مشيرًا إلى تطلعنا لاعتراف المزيد من الدول بالدولة الفلسطينية، من أجل دعم هذا المسار وتقديرنا للمشاركة الكورية الفاعلة مستقبلًا، فى عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيسين قاما بالتوقيع على مذكرتى تفاهم فى الثقافة والتعليم، وتناولا، بإيجابية، مقترح إنشاء جامعة كورية، متخصصة فى العلوم والتكنولوجيا، ودراسة إمكانية إنشاء مدارس كورية، فى مصر، بهدف نقل تجربة البلد الصديق العلمية والتعليمية، وتبادل الخبرات بين البلدين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق