كشف الدكتور مصطفى غنايم، المتخصص في أدب الطفل وأحد الأصوات النقدية البارزة في هذا المجال، عن التأثير العميق الذي تركه الكاتب الكبير يعقوب الشاروني في مسيرته الإبداعية، مؤكدًا أن الشاروني لم يكن مجرد اسم بارز في أدب الطفل العربي، بل كان مدرسة قائمة بذاتها، استطاعت أن تعيد تشكيل رؤيته حول الكتابة للصغار من جذورها.
يقول غنايم في تصريحاته لـ"الدستور"، إن أعمال الشاروني كانت بالنسبة له علامة فارقة ومرجعًا مهمًا خلال بداياته، موضحًا أنه كان يحرص على إرسال قصصه ومخطوطاته إليه قبل نشرها.
وأضاف: “كان الأستاذ يعقوب يفاجئني في كل مرة بما يكتشفه عن أسلوبي، وكان يمتلك قدرة مدهشة على قراءة التفاصيل العميقة في النص، وتقديم ملاحظات ثرية تُثري التجربة ولا تُقيدها، وقد استفدت كثيرًا من تعليقاته وإرشاداته سواء في كتاباتي الإبداعية أو النقدية”.
مدرسة الشاروني… حيث الفن قبل الوعظ
وفقًا لغنايم، كان يعقوب الشاروني يؤمن بأن الفن هو بوابة الطفل الأولى إلى المعرفة، وأن التربية لا يجب أن تطغى على العمل الأدبي حتى لا يفقد روحه، وكان يوصيه دائمًا بتجنب الخطاب المباشر والابتعاد عن نبرة الوعظ التي تفقد الطفل متعة الاكتشاف.
ويتابع غنايم: “كان الشاروني يشدد على ضرورة تقديم الأحداث بطريقة درامية محكمة، تحقق الإثارة والتشويق وتُحفّز المتلقي على متابعة القصة، وكان يرى أن الطفل قارئ ذكي، يستحق نصًا ممتعًا لا مجرد درس تربوي في شكل قصة”.
التدرّج نحو التنوير… منهج لا بديل عنه
من أهم ما رسّخه الشاروني في عقل غنايم وفكره هو فلسفة التدرّج في الحلول داخل النص، وهي رؤية ترتبط ببناء الدراما وتطوير العقدة وصولًا إلى لحظة التنوير، بما يضمن أن يعيش الطفل الرحلة كاملة، ويمر بتجربة اكتشاف حقيقية لا تعتمد على حلول جاهزة.















0 تعليق