يحل اليوم الموافق 12 نوفمبر عام 1996، ذكرى رحيل الفنان محمد طه، مؤسس الموال الشعبي، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الغناء الشعبي، وأصبح مدرسة تخرّج منها جيل كامل من المطربين الذين استلهموا منه روح الموال وقدرته على التعبير عن الوجدان الجمعي للمصريين.
نشأته المبكرة
ومن قلب الصعيد، وتحديدًا من مدينة طهطا، خرج صوت يحمل عبق الأرض ولهجة الناس البسطاء، وفي الرابع والعشرين من سبتمبر عام 1922، وُلد محمد طه، ليصبح لاحقًا واحدًا من أبرز رموز الغناء الشعبي المصري.
تربى في عزبة عطا الله سليمان بقرية سندبيس التابعة لمركز قليوب، وهناك بدأت ملامح الموهبة تتفتح منذ الطفولة، وعمل طه في بداياته بأحد مصانع النسيج في شبرا، وهناك كانت البداية الحقيقية، إذ لفتت موهبته أنظار رئيس الزجالين مصطفى مرسي الذي تبناه فنيًا وقدم له الدعم والرعاية.
وبدأت رحلة “طه” مع الموال في الموالد الكبرى مثل السيدة زينب والحسين، حيث سحر المستمعين بصوته المميز وأسلوبه الأصيل، كما أن الصدفة الجميلة لعبت دورها حين استمع إليه الإذاعي الكبير طاهر أبوزيد، فدعاه لاختبار الأصوات في الإذاعة، ليجتازه بجدارة ويُعتمد رسميًا كمطرب شعبي، ومن هنا انطلقت المسيرة الفنية الحافلة.
محمد طه أمام الزعيم جمال عبد الناصر
غنّى محمد طه في احتفالات عيد الثورة أمام الزعيم جمال عبد الناصر وكبار قادة الدولة، ووقف صوته ممثلًا لوجدان الشعب المصري.
أسس فرقته الموسيقية الخاصة تحت اسم "الفرقة الذهبية للفنون الشعبية"، التي ضمت شقيقه شعبان طه وعددًا من أمهر العازفين على الناي والأرغول والكمان والعود والطبلة، ورافقته هذه الفرقة في حفلاته داخل مصر وخارجها، وحتى في أفلامه السينمائية.
ماذا قال محمد طه عن “الفن الشعبي”؟
وفي لقاء نادر له في برنامج "كان يا ما كان" مع الإعلامية حمدية حمدى، تحدث عم الأدوات الموسيقية المستخدمة فى فن الموال وهي "المزمار والناي والطبلة لكل واحد حرف"، ووصف الفن الشعبى بأنه "مثل ماء النيل يتدفق بسرعة داخل المستمعين"
وعن الارتجال الذي أجاده بمهارة فائقة، قال عنه: "الارتجال مهنتى أنا مؤلف وملحن، فأنا عضو فى جمعية المؤلفين منذ عام 54، وعضو فى جمعية النقابة المهنية مؤلف وملحن، وأجيد الارتجال السريع وهو ما يميزني فى هذا الفن "لافتًا أنه "بدأ فى الارتجال ثم التلحين".
وقال “طه” يملك أكثر من 2000 موال، وقد ألف مواويل فيلم حسن ونعيمة، وتأليفه يكون مناسبًا للموقف أو الحدث المواكب له.
محمد طه في السينما
ومع بدايات الخمسينيات، اتجه طه إلى السينما، حيث جسد دائمًا شخصية المطرب الشعبي الذي يغني من القلب، وشارك في عدد من أبرز الأفلام، بينها "دعاء الكروان" و"حسن ونعيمة" أول أفلام سعاد حسني، والذي جسد فيه شخصية الراوي التي صارت علامة مميزة له.
قدم خلال مسيرته نحو أربعين فيلمًا سينمائيًا، كان آخرها عام 1991 بعنوان "نص دستة مجانين"، ليختتم مشواره الفني بعد رحلة طويلة حافلة بالأغاني والمواويل التي ما زالت تتردد حتى اليوم شاهدة على زمن الفن الشعبي الأصيل.
ولم يكن محمد طه مجرد مطرب شعبي، بل حالة فنية فريدة جمعت بين العفوية والذكاء الفني، فإن صوته الصادق، وكلماته القريبة من الناس، جعلاه مرآة المجتمع المصري في أفراحه وأحزانه، وصوتًا للشارع الذي يروي حكاياته بالمواويل.








0 تعليق