“الحضارة الأكدية”، إصدار جديد عن دار الرافدين للنشر، للباحث الدكتور خزعل الماجدي، ويتضمن الكتاب 15 فصلًا، بالإضافة إلى فصل ختامي عن الأساطير المؤسسة للحضارة الأكدية.
خزعل الماجدي: بلاد الرافدين أنتجت أربع حضارات أساسية
ويشير “الماجدي” في مقدمة الكتاب، إلى أن بلاد الرافدين أنتجت أربع حضارات أساسية هي السومرية، الأكدية، البابلية، والآشورية.
وكانت عواصمها على أرضها وتمتعت بفرادة نادرة في التأريخ، بل وتركت أعظم الآثار والنتائج في تاريخ الحضارات كلّها ويكفي القول أن مئات الآلاف من الرقم الطينية المكتوبة تؤيد وترسّخ هذا الأمر.
ويضيف: “كانت هناك أربع حضارات لوادي الرافدين مشتركة تتقاسمها مع غيرها من بلاد الجوار، وهي الآمورية، العيلامية، الحورية، والآرامية، وهي حضارات خصبة كان لوادي الرافدين فيها حصة كبيرة في الأرض والتراث والحضارة”.
ويوضح “الماجدي”: “تفاوتت أعمار هذه الحضارات حتى وصل بعضها لأكثر من 2000 عامًا، لكن الحضارة الأكدية كانت هي الأقصر عمرًا فقد بلغت ما يقرب القرنين من الأعوام، لكن هذين القرنين تركا آثارًا حضارية لا نظير لها في وادي الرافدين وفي جميع البلدان التي كانت تحت ظلال الإمبراطوية الأكدية، بل وفي تاريخ البشرية كلها”.
والحضارة الأكدية هي أول حضارة إمبراطورية في التأريخ، وهنا تكمن قوتها وأثرها الدائم والمتواصل فقد صنعت نمطًا حضاريًا عالميًا لأول مرة في التأريخ.
خزعل الماجدي:الإمبراطورية الأكدية ربطت الحضارت الأربع الكبرى بالرافدين
كان دورها الحضاري خطيرًا ومهمًا ففي حدود 2350 ق.م لم تكن هناك سوى أربع حضارات متباعدة قد ظهرت في تاريخ البشرية وهي السومرية، المصرية، السندية، العيلامية، وكان التواصل بينها بطيئًا وصعبًا، وفي ذلك الوقت ظهرت الحضارة الأكدية ونشأت على يد مؤسسها سرجون الأكدي، الذي قام خلال نصف قرن من حكمه بالتوسع في الجهات الأربع للعالم ليصل الى الأناضول شمالًا وعيلام ومجان (عمان) جنوبًا والسند شرقًا والبحر المتوسط غربًا.
وبدت هذه الإمبراطورية الأكدية كأنها الخيمة التي ربطت بحبالها الحضارت الأربع الكبرى وأقامت الصلات بينها، ونشرت في جهات العالم الأربع الكتابة المسمارية ومنجزات الحضارة السومرية التي كانت تكتب بكتابتها ولغتها ومعها تقاليدها وتراثها الأكدي، أي تراث الرافدين المزدهر آنذاك.
وكانت الإمبراطورية متحدة بالأكدية والسومرية، وكانت ثقافتهما تحت حكم واحد. وهكذا كان تأثير الإمبراطورية الأكدية كبيرًا جدًا في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين والأناضول وبلاد الشام وسواحل البحر المتوسط وحوضه، ودلمون وماجان في الخليج وشبه الجزيرة العربية.
ويلفت “الماجدي” إلى: “أصبحت الإمبراطورية الأكدية، خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، قمة في نجاحها وكانت ثنائية اللغة على نطاق واسع، ثم حلّت اللغة الأكادية، وهي لغة سامية شرقية، محل اللغة السومرية كلغة منطوقة، وفي عهد سرجون وخلفائه، تم فرض اللغة الأكدية على الدول التي تم فتحها حديثًا مثل جوتيوم وعيلام، وبعد تراجع الإمبراطورية الأكادية، انقسم أهل الرافدين إلى دولتين رئيسيتين تتحدثان الأكادية، وهما آشور في الشمال، وبابل في الجنوب، وسرعان ما أنشئ كلٍّ منهما حضارة متميزة كانت اللغة الأكدية فيهما عصب حضارتيهما، بينما أصبحت اللغة السومرية لغة دينية فقط ثم توارت عن الاستعمال، لكنها ظلت في وجدان وتراث أهل الرافدين القدماء”.
















0 تعليق