قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، جون ثيون، إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي المستمر منذ 40 يومًا "آخذ في التبلور"، مشيرًا إلى أنه يعتزم إجراء تصويت تجريبي على حزمة إنفاق محدودة تهدف إلى إنهاء الأزمة. وأضاف ثيون – في تصريحات للصحفيين في مبنى الكونجرس الأمريكي نقلتها وكالة أنباء "بلومبيرج" – أنه سيراقب نتائج التصويت لمعرفة ما إذا كان بإمكانه الحصول على 10 أصوات ديمقراطية لدعم الخطة، موضحًا أنه سيتم نشر نص الحزمة الجديدة قريبًا جدًا، وسيتم إجراء التصويت بعدها بأربع إلى ست ساعات.
وأشار المشرعون إلى مجموعة من الأزمات الناجمة عن الإغلاق، من بينها فوضى الطيران وتأخر المساعدات الغذائية، والتي قد تمثل نقاط ضغط لإيجاد حل سريع، لكن حتى الوقت الحالي لم تؤدِّ أي من هذه التطورات إلى وضوح بشأن كيفية أو موعد انتهاء الإغلاق، ما يزيد من حالة عدم اليقين حول ما إذا كانت هناك أزمة أكبر تدفع الكونجرس للتحرك. ويُقدّر أن تكاليف الإغلاق تُكلف الاقتصاد الأمريكي نحو 15 مليار دولار أسبوعيًا، بينما توقع مكتب الميزانية في الكونجرس أن يؤدي ذلك إلى خفض معدل النمو الاقتصادي الفصلي الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5 نقطة مئوية بحلول منتصف نوفمبر الجاري. كما انخفض مؤشر ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات، وسط تزايد القلق بشأن الإغلاق الحكومي وارتفاع الأسعار وضعف سوق العمل.
تحليل:
يمثل الإغلاق الحكومي الأمريكي المستمر ضغطًا سياسيًا واقتصاديًا شديدًا على كلا الحزبين، ويكشف عن هشاشة النظام السياسي في التعامل مع الموازنات الطارئة. بينما يحاول الجمهوريون التوسط عبر حزمة محدودة للإنفاق، يبقى السيناريو السياسي محفوفًا بالمخاطر، خصوصًا في ظل احتمالية رفض الديمقراطيين لأي خطوات تقوض برامج الدعم الاجتماعي أو تزيد من انعدام الثقة بين الأطراف. من الناحية الاقتصادية، تشير المؤشرات إلى أن استمرار الإغلاق سيؤدي إلى تدهور معنويات المستهلكين واستثمارات الشركات، مما قد يفاقم أزمة النمو ويزيد الضغط على الأسواق المالية. كما أن حجم الخسائر الأسبوعية المرتفعة يضع الإدارة الأمريكية أمام مأزق كبير، حيث تتصاعد التوقعات حول الحاجة إلى حل سريع لتجنب أزمة اقتصادية أكبر. في المجمل، فإن الإغلاق ليس مجرد نزاع سياسي، بل اختبار حقيقي لقدرة الكونجرس على إدارة الأزمات المالية وضمان استقرار الاقتصاد الأمريكي في ظل تحديات داخلية وخارجية متشابكة.
تفاصيل الأزمة
الأزمة الحالية ليست الأولى من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، حيث يعود سبب الإغلاق الحكومي إلى فشل الكونجرس في إقرار ميزانية اتحادية متكاملة أو مصادقة على تمويل مؤقت لتغطية نفقات الحكومة. في هذه المرة، يتركز الصراع على الإنفاق الفيدرالي على البرامج الحيوية مثل الرعاية الصحية، الدفاع، والمساعدات الاجتماعية، إلى جانب خلافات سياسية عميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن أولويات الميزانية والسياسات الاقتصادية.
يُضاف إلى ذلك التوترات الحزبية في الكونجرس، حيث يسعى كل طرف إلى فرض شروطه السياسية والاقتصادية على الطرف الآخر، مستغلاً نقاط الضعف الاقتصادية أو الضغط الإعلامي لتحقيق مكاسب سياسية قبل الانتخابات المقبلة. هذا الانقسام يؤدي إلى شل الحكومة جزئيًا أو كليًا، حيث تتوقف الخدمات غير الأساسية، ويتأثر الموظفون الفيدراليون، كما تتعطل برامج المساعدات العامة وتأخر المشاريع الحكومية الكبرى.
اقتصاديًا، يُشكل الإغلاق ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الأمريكي، مع تأثير مباشر على الإنفاق الاستهلاكي، الأسواق المالية، وثقة المستثمرين. كل يوم إضافي من الإغلاق يزيد من تكلفة الخسائر الاقتصادية، ويزيد من صعوبة التوصل إلى حل سريع، مما يعكس حجم الأزمة السياسية والاقتصادية المتشابكة التي تواجه الولايات المتحدة اليوم.

















0 تعليق