خلال فعاليات اليوم الثاني من منتدى القاهرة الدولي الثاني (Cairo Forum 2)، قال الدكتور فاروق سوسة، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جولدمان ساكس، إن البيئة العالمية الحالية إيجابية للغاية للأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، وذلك في ظل استمرار اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة.
توطين سلاسل التوريد
وأوضح سوسة أن منطقة الشرق الأوسط تستفيد في الوقت الحالي من إعادة توطين سلاسل التوريد، إلى جانب تراجع معدلات التضخم وتحسن معدلات النمو، مشيرًا إلى أن هذه التطورات مدفوعة بضعف الدولار وتحسن السياسات ونضوج الأسواق في المنطقة.
وأشار إلى أن مستوى الشفافية والحوار بين المسؤولين المصريين والمستثمرين له أثر إيجابي كبير على الثقة في الأسواق، وقال: "من المهم ألا نستهين بأثر التواصل الصريح والمباشر الذي ينتهجه المسؤولون، سواء خلال لقاءاتهم في لندن أو القاهرة، فهذا الحوار البنّاء يعكس إيجابيًا على ثقة الأسواق".
تطبيق الإصلاحات الاقتصادية
وأكد سوسة أن مصر شهدت تحسنًا ملحوظًا بعد تطبيق الإصلاحات الاقتصادية في 2024، ما أعاد الثقة إلى بيئة السياسات النقدية والمالية، مضيفًا أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي هو في جوهره برنامج مصري التصميم والتنفيذ، وهو ما ساهم في ترسيخ الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين.
وأوضح سوسة انعكاس ذلك في تدفقات المحافظ الاستثمارية وارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلًا عن تحسن أداء السوق المحلية من خلال تراجع الدولرة وزيادة الاستهلاك المحلي. لكنه شدد على ضرورة الحفاظ على الانضباط الاقتصادي ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية، مثل عجز الميزان التجاري ومشكلات الطاقة، موضحًا أن أي صدمة خارجية، سواء في السياحة أو التحويلات، يمكن أن تؤدي إلى تآكل المكاسب الأخيرة.
وعن الاستثمارات الخليجية، أشار سوسة إلى ضرورة فهم طبيعة التعهدات الاستثمارية الأخيرة للرئيس الأمريكي ترامب، موضحًا أن "الوعود الاستثمارية البالغة 2 تريليون دولار لم تتحقق بالكامل، والدول الخليجية أصبحت أكثر نضجًا في قراراتها الاستثمارية، مع التركيز على العائد الاقتصادي والتجاري"، مضيفًا أن مصر وفرت فرص استثمارية جيدة للشركات الخليجية مثل صفقة "رأس الحكمة".
وفيما يتعلق بالذهب، قال سوسة إن النظرة التقليدية إليه كأداة للتحوط أو ملاذ آمن لم تعد المحرك الرئيسي للأسعار، موضحًا أن السوق يقوده اليوم اتجاه فك الدولرة، حيث تبحث الحكومات والمؤسسات عن وسائل لتخزين الثروة بعيدًا عن الدولار، والذهب هو المستفيد الرئيس من هذا التحول، كما تظهر مشتريات البنوك المركزية من الذهب كدليل على هذا التغير طويل الأجل.
وأكد سوسة أن النظرة تجاه الدولار تتغير بسرعة بفعل سياسات ترامب، سواء عبر فرض التعريفات الجمركية أو استخدام العقوبات كأداة سياسية، مشيرًا إلى وجود رد فعل من الجنوب العالمي يدفع الدول لإعادة التفكير في إدارة احتياطاتها.
وعن توقعاته للفائدة الأمريكية، قال سوسة: "نتوقع خفضًا إضافيًا بمقدار 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأمريكية خلال ديسمبر، يتبعه تباطؤ في وتيرة الخفض بواقع ربع نقطة في مارس ويونيو المقبلين".















0 تعليق