من أرشيف المحكمة العسكرية الفرنسية… سيرة مقاوم لم ينحنِ

النهار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تزامنا مع إحياء الذكرى الـ 71 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، تعود الذاكرة إلى واحدة من المحطات المضيئة في تاريخ المقاومة الشعبية بمدينة فيالار (تيسمسيلت حاليا)، من خلال وثيقة قضائية نادرة صادرة سنة 1958 عن المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الفرنسية في أورليانزفيل.

هذه الوثيقة تكشف تفاصيل محاكمة المجاهدين بوسيف علي بن محمد ورفيقه كسار محمود بن محمد، اللذين وجها إلى القضاء العسكري بسبب نشاطهما الثوري وانتمائهما لصفوف جيش التحرير الوطني.

الوثيقة المؤرخة في 26 أفريل 1958 تظهر طبيعة التهم التي ألصقها الاحتلال بالمناضلين، حيث اعتبر الانخراط في الثورة “انتماء لجمعية إجرامية”. كما وجهت للمجاهد كسار محمود تهمة “الاعتداء على أمن الدولة الفرنسية” لجمعه تبرعات مالية لدعم الثوار، في وقت كان فيه تمويل الثورة من أخطر التهم وأكثرها تهديدا للمستعمر.

أما المجاهد بوسيف علي فقد وجهت إليه تهم أشد قسوة، أبرزها محاولة تفجير مقهى فرنسي بمدينة فيالار بتاريخ 26 جوان 1957 باستعمال عبوة ناسفة كانت تستهدف صاحب المقهى ورواده من المعمرين. ورغم اكتشاف القنبلة قبل انفجارها، استغلت سلطات الاحتلال الحادثة لتقديمه للمحاكمة بتهمة “محاولة القتل مع سبق الإصرار” و “محاولة نسف مبنى بالمفرقعات”.

وفي 13 ماي 1958، أصدرت المحكمة العسكرية حكمها القاسي على بوسيف علي، المتمثل في السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة المؤقتة.

وقد تنقل المجاهد أثناء فترة اعتقاله بين عدة مراكز وسجون، منها سجن فيالار، مركز الاحتجاز بـ الأصنام (الشلف لاحقا)، ثم السجن المركزي بـ البرواقية، قبل أن يفرج عنه بموجب العفو الصادر في 22 مارس 1962، عقب توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار.

ورغم قسوة السجن وطول سنوات الحرمان، ظل المجاهد بوسيف علي ثابتا في مبادئه، رافضا الانحناء أو التراجع، حاملا في قلبه يقين التحرير وإيمانا راسخا بحق الجزائر في الحرية والسيادة.
هذه القضية تبقى شاهدة على حجم الرعب الذي بثته الثورة في قلب المستعمر، خاصة تلك العمليات التي نفذت داخل المدن، والتي كسرت وهم سيطرة فرنسا على الأرض والإنسان.

لقد عاش المجاهد بوسيف علي صامتا، بعيدا عن الأضواء، لم يكتب سيرته ولم يطلب تكريما، تاركا للتاريخ أن يتحدث عنه.
إلى أن وافته المنية يوم 04 فيفري 2003 ببلدية لرجام، بعد حياة حمل فيها الوطن فوق كتفيه ولم يضعه يوما.

عاشت الجزائر حرة، مستقلة شامخة بأبنائها الأوفياء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق