المتحف المصري الكبير ومتحف المقاومة الصينية.. رسالتان من التاريخ إلى المستقبل

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتجه أنظار العالم، مساء اليوم، إلى أرض مصر الطيبة، حيث تستعد القاهرة لحدثٍ ثقافي استثنائي طال انتظاره افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يقع على بُعد أمتار من أهرامات الجيزة الخالدة.
إنها لحظة فارقة تجمع بين عبق الماضي وسحر الحاضر، وتعيد إلى الأذهان قدرة الشعوب العظيمة على تخليد حضارتها وحماية هويتها مهما تبدلت الأزمنة وتغيرت الملامح.
فاليوم، تفتح مصر بوابة جديدة على التاريخ، لتؤكد للعالم أن الإبداع المصري لم ينقطع منذ آلاف السنين، بل يتجدد مع كل جيل يحمل شغف الأجداد وعزيمة المعاصرين.

870214fec7.jpg

مصر تفتح بوابة جديدة على التاريخ

بعد أكثر من عشرين عاماً من العمل الدؤوب والرؤية الطموحة، يفتتح المتحف المصري الكبير ليصبح أكبر صرح ثقافي في القرن الحادي والعشرين، ومعلمًا جديدًا يُضاف إلى سجل الإنجازات المصرية الحديثة.
هذا المشروع العملاق ليس مجرد متحف، بل رحلة زمنية متكاملة تمتد من فجر الحضارة إلى آفاق المستقبل، في مشهدٍ يعكس فلسفة مصر في الجمع بين الأصالة والتجديد.

f66840d987.jpg

قصة حلم تحقق بعد عقود

تعود فكرة إنشاء المتحف إلى تسعينيات القرن الماضي، حين برزت الحاجة إلى بناء متحف يليق بعظمة التراث المصري.
وُضع حجر الأساس عام 2002 في موقع استراتيجي يُطل مباشرة على أهرامات الجيزة، ليخلق تواصلاً بصرياً مدهشاً بين أعظم معجزة معمارية في التاريخ وأحدث ما أبدعته الإنسانية في حفظ تراثها.
ويُجسّد التصميم المعماري للمتحف رؤية فنية استثنائية؛ إذ تعكس واجهته الزجاجية أشعة الشمس المنبعثة من قمم الأهرامات، وكأنها جسر من الضوء يربط بين الماضي المجيد والمستقبل المشرق.

d2aa073ce1.jpg

كنوز لا تقدر بثمن.. توت عنخ آمون في الواجهة

يمتد المتحف على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ويضم آلاف القطع الأثرية التي تسرد قصة تطور الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.
وتتألق في قلب المتحف مجموعة الملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، لتمنح الزائرين تجربة فريدة في رحلة إلى عالم الفراعنة.
كما يحتضن المتحف مقتنيات الملكة حتب حرس ومراكب الملك خوفو الشهيرة، إلى جانب كنوز نادرة تُعد من أندر ما عرفته البشرية من آثار.

مركز ثقافي متكامل نحو المستقبل

لا يقتصر دور المتحف المصري الكبير على كونه مستودعًا للآثار، بل يتجاوز ذلك ليصبح مركزًا ثقافيًا وتعليميًا عالميًا.
فهو يضم متحفًا للأطفال، ومركزًا للتعليم والمؤتمرات الدولية، إضافة إلى صالات عرض وسينما وحدائق ومعارض فنية ومنشآت تجارية وترفيهية، ليشكل تجربة ثقافية متكاملة تعكس رؤية مصر في جعل الثقافة نافذة للتواصل بين الشعوب.
وفي هذا السياق، يؤكد المسؤولون أن افتتاح المتحف لا يمثل حدثًا ثقافيًا فحسب، بل مشروعًا قوميًا فريدًا يعزز مكانة مصر كحاضنة للتراث الإنساني ومركز إشعاع للحضارة العالمية.

من الجيزة إلى بكين.. ذاكرة الشعوب لا تموت

وعلى الضفة الأخرى من القارة الآسيوية، تقف بكين شامخة بتجربتها الخاصة في حفظ الذاكرة الوطنية من خلال متحف حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني، الذي يُعد شاهدًا حيًا على إرادة أمة قاومت الغزو ووحّدت صفوفها دفاعًا عن كرامتها.
أنشئ المتحف عام 1987 داخل قلعة وانبينغ التاريخية قرب جسر لوغو، الذي شهد شرارة الحرب عام 1937.
ويمتد المتحف على مساحة عرض تتجاوز 6700 متر مربع، ويضم أكثر من 20 ألف قطعة أثرية ووثيقة وصورة توثق تفاصيل المقاومة، ومعاناة الشعب الصيني وتضحياته من أجل الحرية.

ملحمة المقاومة والتجدد في الذاكرة الصينية

شهد المتحف مراحل تطوير متلاحقة شملت إدخال تقنيات عرض حديثة بالصوت والضوء تحاكي أجواء الحرب وتضع الزائر في قلب الأحداث، خاصة في جناح حادثة السابع من يوليو التي مثلت بداية الكفاح المسلح ضد الغزو الياباني.
كما يحتضن المتحف معارض دولية تسلط الضوء على فظائع الحروب وتوجه رسائل إنسانية تدعو إلى السلام والوعي التاريخي، في تجسيدٍ لمبدأ أن ذاكرة الألم يمكن أن تتحول إلى طاقة بناء وتسامح.

رسالة مشتركة من القاهرة وبكين

رغم اختلاف الجغرافيا وتباين الثقافات، تجمع المتحف المصري الكبير ومتحف المقاومة الصينية رسالة إنسانية واحدة:
أن المتاحف ليست مجرد قاعات لعرض القطع الأثرية، بل ذاكرة الأمم وصوت الشعوب الذي لا يصمت.
ففي مصر، تتحدث الآثار عن حضارة صمدت آلاف السنين بالحجر والذهب، وفي الصين تروي المعروضات ملحمة أمة نهضت من رماد الحرب لتصنع مستقبلها.
من الجيزة إلى بكين، يمتد خيط واحد من النور والذاكرة، ليؤكد أن الحضارة لا تموت، وأن الشعوب التي تعرف كيف تحفظ تاريخها، تعرف كيف تصنع مستقبلها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق